وبالطبع لا يكتمل أبداً نمو الشهوية الذاتية، شأنها شأن أية وظيفة بدائية أخرى من وظائف العقل والجسم. إذ يظل هناك قدر معين من اللبيدو يجد إشباعه عن طريق الشهوية الذاتية، فنحن جميعاً نستمتع بأحاسيس نابعة من المناطق والأعضاء الشهوية في الجسم كالأعضاء الجنسية، والفم، والشرج، والجلد، والعضلات ... إلخ. وبالنسبة للفم فإن الاستمتاع بتناول الطعام (جاسترونومي gastrononmy) قد طوَّر تلك الأحاسيس إلى ما يقارب الفنون الجميلة. ونحن جميعاً نُوجّه، بشكل سويّ، قدراً معيَّناً من «الحب» إلى أشخاصنا (قدري حفني) .

وحين وصل فرويد إلى قضية المرأة نجده يتناولها بطريقة واحدية مادية حتمية، موغلة في الحتمية. وبدلاً من تَعقُّب وضع المرأة التاريخي وظروف حياتها في كل مرحلة من مراحل المجتمع فإنه يسميها «القارة المظلمة» من ناحية، وهي من ناحية أخرى رجل تم خصاؤه، تقضي حياتها تعاني من إحساس عميق بالنقص التشريحي الذي يشوب تكوينها الأنثوي. ويذهب فرويد إلى أن صغار الفتيات يُرجعن افتقارهن إلى التكوين التشريحي الذكري إلى الخصاء كعقوبة عن خطيئة. وتكتشف الطفلة أن أمها مخصيّة مثلها، فتنقل مشاعرها إلى الأب وتحاول إغواءه، وهي محاولة محكوم عليها بالفشل، فتترك الطفلة الأب لتعود للأم وتَقبَل وضعها كأنثى، وهو وضع يتسم بالدونية والسلبية. وبدلاً من القضيب الذي تحسد الذكر عليه، تحلم بأن يكون لها طفلٌ تحمل به من الأب. وهكذا أصبحت صفات المرأة التشريحية هي شخصيتها بل ومصيرها الحتمي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015