ورغم هذه الرؤية الدينامية في العلاقة بين الذات والبيئة إلا أن فرويد يسقط في الجمود والانغلاق حين ركز على الغرائز والدوافع بوصفها صاحبة الدور الأكبر في هذه العلاقة. أما البيئة فقد كان دورها سلبياً إلى أقصى حد، ينحصر في أنها إما أن تساعد على إشباع حاجات الفرد أو تعمل على إحباطها. ومن هنا كان تركيزه على الغريزة والدوافع وتهميشه لدور الحضارة وكل ما يقع خارج نطاق الذات وعالم الغرائز والدوافع.
وتتميَّز الغريزة بأربع خصائص: مصدرها وهدفها وموضوعها وقوتها. فالمصدر، هو حالة البدن وحاجته للإشباع، والهدف هو التخلص من التوتر الذي يصاحب هذه الحالة، والموضوع هو الشخص أو الشيء الذي تتجه إليه الغريزة، أما القوة فهي شدة الحاجة المحركة للغريزة. والغريزة لفظ عام أما المصطلح الذي يفضل فرويد استخدامه فهو «اللبيدو» والتي يمكن ترجمتها بعبارة «طاقة شهوية» (يتحدث هوبز عن دافع واحد يسيطر على الإنسان هو اللبيدو دومناندي libido dominandi، أي شهوة السيطرة) . وهو مرتبط باللاشعور والهو والقوى المظلمة داخل الإنسان التي لم تحتك بالحضارة ويتسم بأنه غير منطقي وغير أخلاقي أو متجاوز للمنطق والأخلاق.
ويذهب كثير من مفسري فرويد إلى أن اللبيدو هي الطاقة الجنسية الكمية إلا أنها لا تعني مجرد النشاطات واللذة التي تتعلق بعمل الجهاز التناسلي وإنما تعني أيضاً مجموع التنبيهات والنشاطات التي تظهر منذ الطفولة وتنشأ عنها اللذة، وبهذا المعنى يشكِّل مفهوم الحياة الجنسية في نظر فرويد مفهوماً أشمل من مفهوم الحياة التناسلية. فاللبيدو هو ما يجعلنا نعيش الحياة ونحب ما نعمل، ونُقبل على ما نحب بعشق.