فكر فرويد في أن يستمر في أبحاثه داخل إطار الجامعة وأن يحصل على وظيفة أكاديمية، ولكنه اضطر إلى التخلي عن مشروعه بسبب فقره وعدم استطاعته تحمل الأعباء المالية للبحث الأكاديمي في انتظار الأستاذية. وقد تفاقم الأمر إذ التقى بخطيبته مارثا بيرنايز وتفاهما على الزواج الأمر الذي كان سيكلفه الكثير. (ومع هذا يذهب البعض إلى أن معاداة اليهود المتفشية في الأوساط الأكاديمية النمساوية في هذا الوقت هي التي دفعته إلى قبول نصيحة أستاذه بروكه بأن يترك العمل الأكاديمي ويتجه إلى ممارسة الطب) . ولم يكن القرار الذي اتخذه فرويد سهلاً إذ وجد نفسه يستبدل العلم التطبيقي بالعلم البحثي. ومع هذا اهتم أثناء فترة تدريبه في المستشفى بموضوعات مثل الجهاز العصبي والشلل ومرض عدم النطق (التي نشر عنها بحثاً عام 1891) .

وكجزء من تدريبه سافر فرويد إلى فرنسا عام 1885، حيث اتصل بعدد من الأطباء الفرنسيين المتخصصين في الأمراض النفسية وعلى رأسهم شاركو وبيير جانيه، وكانوا في علاجهم الأمراض العقلية يستعملون التنويم المغناطيسي (ولنُلاحظ النمط المتكرر: المخدرات والعلاج النفسي ـ التنويم المغناطيسي والعلاج النفسي ـ وأخيراً العلاج النفسي من خلال دراسة اللاوعي) . فاهتم فرويد بهذه الطريقة واكتشف أن من الممكن، في أحوال كثيرة، جعل المريض يتذكر حوادث ومشاعر يبدو أنها كانت سبباً في إحداث أعراض مَرَضية عصبية أو نفسية. فاستنتج من هذا أن استعادة مثل هذه الذكريات وما صاحبها من تجارب انفعالية تفيد في علاج المريض، لأنه وجد أن أعراض المرض غالباً ما كانت تختفي متى كان التذكر ممكناً. وقد عرف من شاركو فكرة الارتباط بين المرض النفسي والجنس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015