وطبق زيميل كثيراً من مفاهيمه هذه على المجتمع الحديث، فالحضارة الحديثة تتجه نحو أن يتحقق للمرء مزيد من التحرر من العلاقات الاجتماعية ومن الاعتماد على الآخرين. ولكن هذه العملية ينتج عنها تزايد هيمنة المنتجات الحضارية التي صنعها الإنسان عليه. ففي المجتمعات البدائية يعيش الإنسان في دوائر اجتماعية ضيقة تحيط به وتستغرقه تماماً وتستوعب جماع شخصيته ويدين لها بالولاء. وكانت الهيمنة كاملة والتبعية كاملة، فالنبيل الإقطاعي لم يكن يهيمن سياسياً وحسب على الفلاح وإنما كان يهيمن عليه في كل المجالات الاقتصادية والقضائية والاجتماعية، وكان التنظيم الاجتماعي العام يأخذ شكل دوائر متداخلة بحيث تكون الدائرة الصغيرة جزءاً من دائرة أكبر. وهكذا، فإن القبيلة لا تتكون من أفراد وإنما من عائلات وأفخاذ وعشائر.