ومن الأشكال والأنماط الأخرى التي رصدها زيميل، نمط الأشكال الثنائية مقابل الأشكال الثلاثية، فالأشكال الثنائية لا تسمح للمشتركين في العلاقة بتجاوزها والوصول إلى مستوى موضوعي غير شخصي، ومن ثم لا تسمح بدرجة من القهر الخارجي البراني. ولكن غياب بنية موضوعية برانية في العلاقات الثنائية يؤدي إلى استيعاب المشتركين في علاقاتهم الثنائية هذه إذ أن العلاقة في كليتها تعتمد بشكل واضح وصريح على المشتركين فيها، ففي جميع أشكال العلاقات الأخرى يستطيع المشتركون فيها أن يفوضوا سلطاتهم وواجباتهم إلى طرف آخر. أما في العلاقة الثنائية، فإن كل شريك في العلاقة مسئول بشكل مباشر وشخصي وكامل عن كل شيء، كما لا يستطيع أي شريك أن يتملص من المسئولية ولا يمكنه إلقاء تبعة فشل ما على «المجموع» أو على «الكل» لأنه لا يتعامل إلا مع شخص واحد في إطار العلاقة الثنائية.
وحينما تتحول العلاقة الثنائية إلى علاقة ثلاثية، فإن ظهور العضو الثالث يُغيِّر العلاقة لا بشكل كمي وإنما بشكل كيفي. ففي العلاقة الثنائية يتم اتخاذ القرار من خلال الشخصية مباشرة، أما في العلاقة الثلاثية فبإمكان شخصين أن يتحالفا ضد الثالث ويسلبانه إرادته، والعلاقة الثلاثية أبسط العلاقات التي يصبح بإمكان الجماعة فيها أن تهيمن على أحد أعضائها، وهي تُجسِّد بشكل واضح جدلية العلاقة الاجتماعية: جدلية الحرية والقهر، والاستقلال وفقدانه.
والعلاقة الثلاثية يمكن أن تُولِّد ثلاثة أدوار لا يمكن أن تولدها العلاقة الثنائية: دور الوسيط الذي يتوسط بين الاثنين، أو دور المستغل الذي يمكن أن يوظِّف الخلافات بين الآخرين لصالحه، وأخيراً دور المفرِّق الذي يُفرق بين الآخرين ليصبح سيد الموقف.