ويتَّسم كتاب ماركوز الأخير البُعد الجمالي بقدر من التشاؤم المفعم بالفرح. وهو يذهب في هذا الكتاب إلى أن الفن هو الملاذ الوحيد المتبقي للتجربة متعددة الأبعاد في مجتمع أحادي البُعد، فثمة مسافة تفصل بين الفن والواقع. ويتَّسم الفن بأن له أبعاداً تجعله يتجاوز العناصر الاجتماعية المحدِّدة له وتجعل العمل الفني قادراً على الانعتاق من العالم الذي ينتمي إليه، ومن ثم فإن الفن يُعبِّر عادةً عن تجربة إنسانية مركبة في مواقف متبلورة، وهو لهذا يذكِّرنا بحقائق إنسانية عادةً ما ننكرها. إن منطق العمل الفني يؤدي إلى ظهور حساسية مركبة جديدة تتحدى كلاً من الحساسية القائمة والعقل الذي يتبدَّى من خلال المؤسسات الاجتماعية السائدة، وهذا هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن في تغيير الواقع وليس كما يرى الواقعيون الاشتراكيون.
وماركوز ليس له اهتمام خاص بالموضوع اليهودي. ولكنه أيد إسرائيل عام 1967 في هجومها على الدول العربية باعتبار أن ذلك دفاع عن النفس. وإن بحثنا عن البُعد اليهودي في فكره، فإن من العسير أن نعثر عليه، فهو مفكر متأثر بالتقاليد الألمانية في الفلسفة خاصةً هيجل وماركس. أما موقفه من إسرائيل، فهو موقف سياسي ينم عن جهل شديد، وربما عن انتهازية شخصية لا علاقة لها بالبنية العميقة الكامنة لفكره الفلسفي.
نعوم تشومسكي (1928 -) والثورة التوليدية
Naom Chomsky and the Generative Revolution