ولعل التجربة الأساسية في حياة ماركوز الفكرية هي فشل اليسار الماركسي في الاستيلاء على السلطة بعد نجاح الثورة البلشفية في أوائل القرن. كما أنه لاحظ تزايد هيمنة النظم الشمولية اليمينية (الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا) واليسارية (الستالينية في الاتحاد السوفيتي) . ثم لاحظ في الخمسينيات، بعد الحرب العالمية الثانية، تزايُد رسوخ الرأسمالية الاستهلاكية في الولايات المتحدة وأوربا، وهي ضرب من ضروب الشمولية. وحاول ماركوز خلال كل هذه الأعوام أن يُبقى الفكر الماركسي أداة حية وفعالة لتحليل المجتمع وفي نهاية الأمر تغييره.
ولعل أهم المفاهيم التي طورها ماركوز فكرة: الإنسان ذو البُعد الواحد. وهو إنسان المجتمعات الحديثة الذي تم احتواؤه تماماً وتم تخليق رغباته وتطلعاته من قبل مؤسسات المجتمع، حتى استبطن قيمه كافة وأصبح هذا الإنسان يرى أن الهدف من الوجود تعظيم الاستهلاك والإنتاج والاختيار بين السلع المختلفة. ولكن الاختيار في الأمور المهمة (المصيرية والإنسانية والأخلاقية) تقلص تماماً، وبذا فقد هذا الإنسان مقدرته على التجاوز وآصبح غارقاً تماماً في الأمور الاستهلاكية.