ويضيف فيبر عنصراً آخر في دراساته عن المدينة، فهو يفسر عدم نشوء الرأسمالية الرشيدة بين أعضاء الجماعات اليهودية بأنها نشأت في المدينة المسيحية، حيث كانت هذه المدينة في العصر الوسيط مؤسسة دنيوية مستقلة عن الكنيسة وعن الدولة، وكانت تضم أفراداً يقسمون يمين الولاء كأفراد لا كأعضاء في قبيلة أو عائلة، وهذا يعني ضمور وتهميش علاقات القرابة التي ترتبط بشعائر محددة (مثل عبادة الأسلاف) . ورغم أن نقابات الحرفيين والتجار كانت أساساً مسيحية ورموزها مسيحية، فإنها ظلت مؤسسات دنيوية يمكن لأي غريب أن ينتمي إليها بعد أن يقسم يمين الولاء لها. وقد ساهمت المدينة بهذه الطريقة في فصل شئون العمل والتجارة عن شئون الأسرة والعشيرة. وكان من شأن هذا كله أن يساهم في عملية الترشيد الآنفة الذكر. ومن المعروف أن اليهود لم يصبحوا قط جزءاً من المدينة. ورغم أنهم كانوا يحصلون على حق الإقامة فيها، فإنهم ظلوا غرباء عنها لا ينتمون إليها، بل كانوا أعدى أعدائها في بعض المناطق نظراً لتبعيتهم للنخب الإقطاعية الحاكمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015