وإذا كان ماركس قد كتب كتيباً، فإن إنجلز لم يكتب سوى ملاحظات عابرة، ويُقال إنه تُوجَد مخطوطة ضمن أوراقه الموجودة في موسكو بعنوان «يهود ألمانيا» ولكنها لم تُنشَر لسبب غير معروف. ويمكن تقسيم ملاحظات إنجلز بشأن المسألة اليهودية إلى قسمين: ما قبل عام 1878، وما بعده. وهذا التاريخ هو تاريخ نشر كتابه ضد دوهرنج. ويُلاحَظ أن فكر إنجلز بشأن اليهود واليهودية في فترة ما قبل عام 1878 لا يختلف كثيراً عن الخطاب الاشتراكي السائد الذي يرى اليهود كجزء عضوي من الرأسمالية التجارية والتي سميناها «جماعة وظيفية وسيطة» . وقد لاحظ إنجلز أن اليهودي إما تاجر وإما مراب، وأن التجار اليهود احتكروا تَبادُل السلع المصنوعة في أوربا بالمحاصيل الزراعية في بولندا، وربما تكون هذه إشارة إلى يهود البلاط في علاقتهم بيهود الأرندا. ويرى إنجلز (في مقال له في نيويورك تربيون 5 مارس 1852) أن هذا هو الوضع السائد في كل شرق أوربا بل وفي الدولة العثمانية. فالحرفي والتاجر الصغير والصانع الصغير، في روسيا وألمانيا والقسطنطينية، ألماني، في حين نجد أن المرابي وصاحب الحانة وجابي الضرائب والبائع الجوال هو عادةً يهودي يتحدث الألمانية الفاسدة (هذه هي طريقة إنجلز في الإشارة إلى اليديشية) ! والواقع أن الصورة كانت أكثر تركيباً مما تصوره إنجلز عن الدولة العثمانية.