الإبادة النازية في الشرق والغرب بها لنظروا إلى الإبادة النازية لليهود نظرة مختلفة بعض الشيء.
ونشرت يوديش روندشاو مقالاً تعلن فيه عن استعداد الصهاينة للتعاون مع أصدقاء اليهود وأعدائهم، حيث إن المسألة اليهودية ليست مسألة عاطفية، وإنما هي مسألة حقيقية تهتم بها كل الشعوب. وهذا الموقف امتداد لموقف هرتزل حين ميَّز بين التعصب الديني القديم (وهو مجرد تعصب عاطفي غير منهجي) والمعاداة الحديثة لليهود والتي وصفها بأنها حركة بين الشعوب المتحضرة الغربية تحاول من خلالها التخلص من شبح يطاردها من ماضيها. ويتضمن التمييز هنا شكلاً من أشكال القبول بالمعاداة المنهجية الرشيدة لليهود أو التي تم ترشيدها. وقد تبنى هتلر موقفاً مماثلاً حين ميَّز هو الآخر بين المعاداة العاطفية لليهود والمعاداة المنهجية لهم، إذ تنتهي الأولى بالمجازر، أما الثانية فتنتهي بالحل الصهيوني، أي تهجير جميع اليهود من ألمانيا إلى «وطنهم» فلسطين. وقد حدَّد هتلر مشروعه بالنسبة إلى اليهود على أسس صهيونية ومنهجية رشيدة (وهي القومية العضوية) . كما قرر روزنبرج ضرورة مساندة الصهيونية بكل نشاط «حتى يتسنى لنا أن نرسل سنوياً عدداً محدداً من اليهود إلى فلسطين، أو على الأقل عبر الحدود» . وحينما استولى النازيون على السلطة، سمحوا للصهاينة بالقيام بنشاطاتهم الحزبية، سواء اتخذت شكل اجتماعات أو إصدار منشورات أو جمع تبرعات أو تشجيع الهجرة أو التدريب على الزراعة والحرف، أي أنهم سمحوا لهم بنشاط صهيوني خارجي كامل. كما كانت المجلات الصهيونية هي المجلات الوحيدة غير النازية المسموح لها بالصدور في ألمانيا. وقد وتمتعت هذه المجلات بحريات غير عادية، فكان من حقها أن تدافع عن الصهيونية كفلسفة سياسية مستقلة. وحتى عام 1937، لم يتأثر عدد صفحات يوديش روندشاو بالقرارات الاقتصادية التقشفية التي تقرر بمقتضاها إنقاص عدد صفحات كل المجلات (وضمنها المجلات الآرية) . كما