وتوحي الأدبيات الصهيونية بأن العالم كله تجاهل اليهود وتركهم يلاقون حتفهم ومصيرهم وحدهم. ولكن من الواضح أن المسألة أكثر تركيباً من ذلك بكثير. فصحيح أن بعض الشعوب ساعدت النازيين، كما حدث في النمسا، ولكن البعض الآخر ساعد اليهود وآواهم كما حدث في بلغاريا (خصوصاً بين أعضاء الجماعة الإسلامية) وفي الدنمارك وفنلندا ورومانيا وإيطاليا وهولندا. وفي فرنسا، تم تسليم خمسة وسبعين ألف يهودي للقوات النازية، ولكن تمت، في الوقت نفسه، حماية أضعاف هذا العدد. كما رفض السلطان محمد الخامس تطبيق القوانين النازية على يهود المغرب رغم مطالبة حكومة فيشي الفرنسية بذلك. ولا يمكن أيضاً تجاهل جهود الحكومة السوفيتية في نقل مئات الآلاف من اليهود بعيداً عن المناطق التي احتلها النازيون (رغم تحالفها في بداية الأمر مع هتلر) . وتتجاهل التواريخ الصهيونية كل هذا، تماماً مثلما تتجاهل العلاقة الفكرية والفعلية بين النازية والصهيونية والزعامات الصهيونية التي تعاونت مع النازيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015