وإذا كان فكر هتلر هو نتاج لحضارة الغرب، خصوصاً في القرن التاسع عشر، والتي تدور داخل الإطار العرْقي العلماني الإمبريالي الدارويني، فلابد أن تكون هناك نقط اتفاق بين هذا الفكر والفكر الصهيوني الذي هو أيضاً نتاج المعطيات الفكرية نفسها. وبالفعل، نجد أن الفكر الصهيوني يتحدث عن اليهود باعتبارهم عناصر بكتيرية. والواقع أن تعبير البكتريا المجازي (وهو تعبير دارويني لا علاقة له بقيم " بالية " مثل المحبة والمساواة والعدل) يستخدمه كل من هتلر ونوردو وهرتزل، الذين يتحدثون عن اليهود باعتبارهم شعباً عضوياً منبوذاً (قارن هذا بكلمات بوبر حيث يتحدث عن اليهود بوصفهم شعباً آسيوياً طُرد من آسيا ولكنها لم تُطرد منه، أي أن آسيا تجري في دمه) . كما أن الصهيونية ترى ضرورة إخلاء أوربا من اليهود، ولعل الخلاف الوحيد هو أن الصهاينة يفضلون الطريقة البلفورية على الطريقة الهتلرية.

ويتضح مدى انتماء المنظومة النازية للحضارة الغربية الحديثة في معلومة مخيفة وغريبة ولكنها نماذجية وممثِّلة في ذات الوقت، وهي أن النازيين كانوا يطلقون عبارة «مسلم» على اليهودي الذي تقرر إبادته. فكأن النازيين هم حملة عبء الرؤية الأوربية في مجابهتها مع أقرب الحضارات الشرقية لهم، وهي الحضارة الإسلامية، وهم لم ينسوا قط هذا العبء وهم يبيدون بعضاً من سكان أوربا غير النافعين والذين يقلون تقدماً عن الآخرين.

السياق السياسي والاجتماعي الألماني للإبادة

German Political and Social Context of the صلى الله عليه وسلمxtermination

طور بواسطة نورين ميديا © 2015