إبادة الآخر إذن آلية أساسية استخدمها التشكيل الحضاري الإمبريالي الغربي في تحقيق رؤيته ومثالياته الداروينية، ومع هذا تظل الإبادة النازية لليهود لها مركزية خاصة، فكيف نفسِّر هذا؟ تعود هذه المركزية، فيما أعتقد، إلى حداثة الإبادة النازية ومنهجيتها، الأمر الذي جعلها تقض مضجع الإنسان الغربي، فمشروعه الحضاري يستند إلى العلم المتجرد من القيمة وعبقرية حضارته تكمن في الترشيد المتزايد. كما أن الإبادة الاستعمارية كانت تتم دائماً "هناك" بعيداً عن أوربا، في آسيا وأفريقيا، أما الإبادة النازية فتمت «هنا» على أرض الحضارة الغربية، وعلى بُعد أمتار من منازل المواطنين العاديين. كما أن العناصر التي أُبيدت لم تكن داكنة اللون أو صفراء، وإنما «مثلنا تماماً» . وأخيراً يشغل اليهود مكانة خاصة في الوجدان الغربي الديني والحضاري، فاليهودي يقف دائماً على الهامش، موضع تقديس وكُره عميقين، وحينما صرعته الإبادة النازية تنبه الإنسان الغربي إلى الإمكانية الكامنة، التي تقف فاغرة فاهها، في قلب حضارته الحديثة.

السياق الحضاري الألماني للإبادة

German Cultural Context of the صلى الله عليه وسلمxtermination

طور بواسطة نورين ميديا © 2015