5 ـ الجماعة الوظيفية: وقد اختلف النقاد في تفسير موقف شكسبير من شخصية شيلوك: هل هو يتعاطف معه جداً أم أنه يرفضه تماماً؟ وهل شيلوك شيطان رجيم يجب أن نفرح لسقوطه، أم أنه ضحية المجتمع المسيحي المستغل؟ وربما أمكن حسم هذه القضية بالتأكيد على هوية شيلوك كعضو في جماعة وظيفية أوكل لها المجتمع الاضطلاع بوظيفة الربا الذي يؤدي إلى دمار أعضاء المجتمع، أي أنه أداة دمار. ولكن عضو الجماعة الوظيفية لم يختر وظيفته، فوظيفته هي قدره ومصيره الذي اختير له. ومن ثم، فإن ما يقوله شيلوك عن نفسه باعتباره إنساناً أُهدرت إنسانيته هو أمر حقيقي، كما أن ما يُقال من أنه أداة استغلال صماء لا تدخل في علاقة إنسانية مع البشر وتحاول هدمهم هو أيضاً أمر حقيقي. وهذه الصورة المزدوجة التي يتحدث عنها بعض النقاد هي، في واقع الأمر، ازدواجية تُعبِّر عن علاقة أعضاء الجماعة الوظيفية بأنفسهم وبالمجتمع، فهم بشر في علاقتهم بأنفسهم وهكذا يرون أنفسهم، وهم أدوات في علاقتهم بالمجتمع وهكذا يراهم المجتمع. والواقع أن شكسبير، وكُتَّاب آخرون من بعده، حاولوا أن يتعاملوا مع هذه العلاقة في تركيبيتها الصلبة وثنائيتها الحادة.