3 ـ التفسير الديني الاقتصادي: وهناك بعد ديني اقتصادي يتمثل في ظهور جماعات البيوريتان البروتستانت من عناصر البورجوازية الجديدة النشطة المؤمنة بتعاليم كالفن، والتي حوَّلت الزهد المسيحي في الدنيا من أجل الآخرة إلى زهد داخل الدنيا من أجل تراكم رأس المال، علامةً على الخلاص في الآخرة. ولذلك، كان هؤلاء يكرهون الملذات والإنفاق وارتياد المسرح والمسرات. ويجىء شيلوك، في هذه المسرحية، رمزاً لهذه القطاعات المتزمتة الملتزمة بالتراكم وحسب والتي تنكر العلاقات الإنسانية وخلاص الروح حتى تحقق تزايد الثروة. ولم يكن شكسبير مخطئاً على الإطلاق، فبعد فترة وجيزة استولى هؤلاء على الحكم في ثورة كرومويل وأغلقوا المسارح كليةً. وكان من المألوف آنذاك أن يتم الربط بين غلاة البروتستانت واليهود.
4 ـ التفسير اللاهوتي: ولكن هناك بعداً دينياً خالصاً، فقد أشاع العهد الجديد صورة سلبية للغاية عن الفريسيين (وهي فرقة دينية يهودية ظهرت أيام المسيح) ، وفي هذه المسرحية ارتبطت هذه الصورة باليهود بصورة واضحة تماماً. ويمثل شيلوك الفريسي بالدرجة الأولى، فهو يحترم حرفية القانون لا روحه، وهو بلا عاطفة، كما أنه يجيد استخدام الكتاب المقدَّس لتبرير أفعاله (وهي تهمه وجهها المسيح إلى الفريسيين) . وأخيراً، ارتبط الفريسيون في الوجدان المسيحي بأنهم المحرضون الحقيقيون على صلب المسيح. ومن هنا، فإن شيلوك يُماثل الفريسيين، حين يطالب برطل اللحم، أما أنطونيو فهو كالمسيح إذ يمثل حَمَل الإله الذي سيُقدَّم للذبح.