وكانت الضرائب تُفرَض في كثير من الأحيان على الجماعة اليهودية ككل، لا على أعضائها كل على حدة شأنها في هذا شأن معظم الأقليات والجماعات الأخرى. ويبدو أن إطار السلطة الذاتية للجماعات المحكومة كان أنجع الطرق لضمان تَدفُّق الريع الضرائبي، فكانت الجماعة اليهودية، وغيرها من الجماعات، تتمتع باستقلال ذاتي في الأمور الدينية والتربوية والقضائية. وكانت قيادتها تتمتع بسلطات خاصة، فكانت، في كثير من الأحيان، هي التي تحدِّد الضرائب وتقوم بجمعها من أعضاء الجماعة، بل أصبحت هذه المهمة أهم وظائفها. ولذا، حاولت السلطة الحاكمة دائماً أن تُقوِّي قبضة القيادات اليهودية وتحقق لها مركزاً متميِّزاً داخل الجماعة، لتضمن ولاءها لها ولتصبح أداة طيعة في يدها. ومن ثم، كانت قيادات الجماعة تُعفَى من الضرائب عادةً، وكان أمير اليهود (الناسى) ، ورأس الجالوت (المَنْفَى) ، وكثير من الحاخامات، يُعْفَون من الضرائب، بل وكان يُسمَح لهم بفرض ضريبة خاصة لتمويل منصبهم ذاته. وكثيراً ما كان الحاخامات يحصلون على معاشهم من خلال ضريبة خاصة تُفرَض لهذا الغرض. وكان الهدف من هذا هو تحويل هذه القيادات إلى أداة في يد السلطة الحاكمة وموظفين عندها بحيث يمكنها من خلالهم اعتصار الجماعة اليهودية.