وبينما كان المرابي اليهودي في البداية يُقرض الملوك والأباطرة ثم كبار النبلاء الإقطاعيين، فإنه راح يُقرض صغار النبلاء والفرسان ثم بعد ذلك الحرفيين والفلاحين والفقراء. وبدلاً من وجوده بجوار الطبقة الحاكمة، انسحب إلى الهامش حيث لم يَعُد اليهود يشكلون الجماعة الوظيفية الوسيطة الوحيدة. وهبط اليهودي من مرتبة الصيرفي إلى المرابي الذي يُقرض مبالغ صغيرة لمدة قصيرة بفائدة عالية وبضمان رهونات بسيطة مثل درع أو قطعة حلي أو بعض الملابس. ولعل ماحدث في مدينة ريجنزبرج في ألمانيا مثل جيد على هذا التدهور التدريجي التاريخي، فحتى عام 1250 كانت بلدية المدينة هي أهم مدين لليهود، وحتى عام 1400 كان أهم المدينين هم النبلاء ورجال الدين. أما بعد ذلك التاريخ، فقد احتل الفرسان ومواطنو المدن والحرفيون هذا المكان. وفي القرن الثالث عشر الميلادي، كان القرويون في جنوب فرنسا يُشكلون 65% من المقترضين حيث اقترضوا 43% من المبالغ، وكان سكان المدينة يشكلون 30% من عملاء المرابين اليهود حيث اقترضوا 41%، وكان الفرسان والنبلاء يمثلون 2% واقترضوا 9%، ورجال الدين 1% واقترضوا 5%. ولم يكن النمط مختلفاً في إنجلترا، حيث تخصص المرابي اليهودي في إقراض الطبقات الفقيرة التي يقترض أعضاؤها أموالاً ثم يجدون بعد ذلك في الغالب صعوبة بالغة في تسديد الديون.
وقد امتد نشاط المرابي اليهودي إلى بني جلدته على عكس تصورات المعادين لليهود. ولكن الإقراض في هذه الحالة كان يأخذ شكلاً خاصاً حتى يتم التحايل على أشكال التحريمات الدينية الخاصة بعدم إقراض اليهودي بالربا. فكان المرابي يصبح شريكاً موصياً أو شريكاً يشترك بالمال لا بالعمل وينال نصيباً من الربح إذا كسبت التجارة، ولا يخسر شيئاً من ماله إذا لم يربح، وهذا هو ما تفعله بعض البنوك الإسرائيلية الآن لتتمكن من إقراض الإسرائيليين دون الإخلال بالقواعد الدينية.