وقد أصبح التحريم أقل حدة في القرن الحادى عشر الميلادي عندما أصدر أحد الحاخامات فتوى مفادها أن اليهودي ينبغي عليه ألا يقرض الأغيار بربا، حين يكون بوسعه أن يكسب رزقه بطريقة أخرى. كما أصدر الحاخام أليعازر بن ناثان (من ألمانيا) فتوى مماثلة جاء فيها: «حينما لا يملك اليهود حقولاً أو كروماً يمكنهم العيش من ريعها، يصبح إقراض المال بربا ضرورياً لكسب رزقهم ومسموحاً به» . وقد جاء في المشناه «بإمكان الإنسان أن يُقرض ويقترض بربا من الكفار» . ولكن وردت إلى جانب ذلك تحفظات بحيث لا تصبح المسألة مطلقة، فأورد التلمود اقتباساً من المزمور 15 الذي جاء فيه «فضته لا يعطيها بالربا» ، كما جاء في سفر الأمثال (28/8) ما يبيِّن أن الإقراض بالربا ليس مُحرَّماً ولكنه مع هذا مكروه، ثم ذُكر أن الإقراض بالربا مباح إذا كانت الفائدة ضرورية لحياة الإنسان وليس الهدف منها الحصول على الثروة والترف.
4 ـ تزامنت عملية تَحوُّل أعضاء الجماعات اليهودية عن التجارة مع ظهور حاجة ماسة إلى المال السائل اللازم لتجريد حملات حروب الفرنجة ولبناء الكاتدرائيات والكنائس. بل وبدأت تظهر في أوربا، بسبب التحولات الاقتصادية العميقة التي كانت تخوضها آنذاك، حاجة ماسة إلى اقتراض النقود، لا لسد الحاجة الشخصية وإنما للاستثمار التجاري، أي أن عملية الاقتراض بدأت تصبح مسألة أساسية للنظام الاقتصادي.