يعرف باسم «التجارة البدائية» ، وهي تجارة تختلف عن التجارة الحديثة من عدة وجوه. فالتجارة الحديثة هي جزء عضوي وأساسي من نظام المجتمع الرأسمالي والرأسمالية الرشيدة، أما التجارة البدائية فتلعب دوراً ثانوياً وهامشياً في مجتمعات ما قبل الرأسمالية (العبودي والإقطاعي وغيرهما) ، حيث يتميَّز الإنتاج في هذه المجتمعات بأنه إنتاج لقيمة استعمالية وليست تبادلية، أي أن الإنتاج كان موجهاً نحو إشباع حاجات المجتمع وحسب، وإذا ما تَبقَّى فائض من السلع بعد أن يستهلك المجتمع ما يريد، يقوم التاجر البدائي بنقله من هذا المجتمع إلى مجتمع آخر. كما كانت تنشأ داخل مجتمعات ما قبل الرأسمالية، حاجة إلى بعض السلع الكمالية مثل التوابل والذهب، فكان التاجر البدائي يقوم بتوريدها وسد الحاجة التي تنشأ إلىها. وبهذا المعنى، يمكن اعتبار التجارة البدائية تجارة هامشية دون أن يضفي هذا الاعتبار إيحاءات سلبية، فهي لا تلعب أيَّ دور في حركة الإنتاج وإنما تظل على هامشها.

والصفة الثانية للتجارة اليهودية وثيقة الصلة بالأولى. فالتجارة اليهودية، على خلاف التجارة التي تطورت بين المسيحيين، كانت منذ البداية مرتبطة بالطبقة الحاكمة في المجتمع الإقطاعي، حيث كان التاجر اليهودي (وكذلك المرابي اليهودي) ، كما أسلفنا، ملكية للأمير أو الإمبراطور أو النبيل الإقطاعي، وكان يقوم بالتجارة ليحقق أرباحاً لا تتحول إلى رأسمال مستثمر في المجتمع وإنما تصب في خزائن النبيل الإقطاعي من خلال الضرائب والإتاوات التي كان على اليهود دفعها. ومن هنا، كانت التجارة اليهودية تعبيراً عن العلاقات القائمة في المجتمع الإقطاعي ولا تشكل نقيضاً لها على الإطلاق. ولعل هذا ما كان يعنيه ماركس حين أشار إلى وجود اليهود في مسام المجتمع الإقطاعي، فهم فيه وليسوا منه، وهم هامشيون في وجودهم لا يشكلون أي تحدٍّ له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015