وموقف النازيين من اليهود لا يختلف كثيراً عن موقف الصهاينة. فكلاهما ينزع العبقرية اليهودية من سياقها ويؤكد البُعد اليهودي على حساب كل الأبعاد الأخرى. فلا يمكن فهم أوبنهايمر باعتباره يهودياً خالصاً يُعبِّر عن جوهر يهودي، وإنما باعتباره نموذجاً لإنسان العصر الحديث الذي بدأت تتحدد ملامحه منذ عصر النهضة الغربية. فأوبنهايمر ربوبي، يضع نفسه خارج أية منظومة دينية، ولكننا نكتشف أنه ليس ربوبياً وحسب بل كان إنساناً طبيعياً يضع نفسه خارج أية منظومة أخلاقية. فقد كان أوبنهايمر إنساناً اقتصادياً حقيقياً يحاول تعظيم الربح، وإنساناً جسمانياً يحاول تعظيم اللذة، وهو في هذا ليس نموذجاً فريداً على الإطلاق، وإنما شخصية نماذجية: إنسان طبيعي لا تحده حدود أو قيود يعيش حسب قوانين الطبيعة/المادة.

أما يهوديته التي كان يتباهى بها فإنها لم تحدد سلوكه الإجرامي ولا عبقريته المالية، فهو ابن عصره، أداة في يد الدوق/الدولة، لا يختلف في هذا عن أيخمان وبريا وغيرهما من جزاري العصر الحديث البيروقراطيين، الذين يذبحون بمنهجية شديدة وحسبما يَصدُر لهم من تعليمات لا يتجاوزونها.

جيكوب بريير (1715 – 1780)

Jacob Periere

أول معلم للصم البكم في فرنسا. وُلد في إسبانيا عام 1715 لأب من يهود المارانو، وبعد وفاة والده، هربت أمه به إلى مقاطعة بوردو في فرنسا، وهناك أعلن يهوديته. ويُقال إن حب بريير لفتاة بكماء كان وراء محاولاته إيجاد وسيلة للاتصال بالصم البكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015