ويبيِّن أسلوب حياته مدى عمق التغير الذي طرأ على حياة الجماعات اليهودية في أوربا، أو على الأقل على قيادتها، وهي تغيرات لا تعدو أن تكون صدى للتغيرات التي لحقت بالمجتمعات الغربية. فأوبنهايمر لم يمارس أياً من شعائر اليهودية، إذ كان ربوبياً أي يؤمن بالرب الذي يحل في الطبيعة دون أن يؤمن بأي دين، شأنه شأن الكثير من مثقفي عصر الاستنارة. وكان يحيا حياة كبار نبلاء أوربا إبَّان عصر الملكيات المطلقة ويرتدي زي النبلاء المسيحيين. وكانت مكتبته مُكوَّنة من أعمال ألمانية في السياسة والتاريخ والقانون. وكان له منزل في كلٍّ من فرانكفورت وشتوتجارت على الطراز الأوربي، عُلِّقت على حوائطهما لوحات لرمبرانت وغيره من الفنانين الغربيين. وكان أوبنهايمر إنساناً حديثاً بمعنى الكلمة، طموحاً، يبغي أن يحقق حراكاً اجتماعياً سريعاً. وقد تقدَّم للإمبراطور بطلب الحصول على لقب النبيل، ولكن لم يُستجَب لطلبه. ويبدو أنه كان إنساناً جسمانياً لا يكف عن ملاحقة النساء، سواء كن من طبقة النبلاء أم من الخادمات. ورغم كل هذا، كان أوبنهايمر يتباهى بيهوديته، وهو ما يدل على أنه عرَّفها تعريفاً إثنياً خالياً من أي مضمون أخلاقي، وهو التعريف الذي قُدِّر له الشيوع في العالم الغربي الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015