7 ـ ساعد نظام الانتخابات في الولايات المتحدة على أن يلعب اليهود دوراً ملحوظاً في الانتخابات بسبب تركُّزهم في بعض أهم الولايات التي تقرر مصير الانتخابات الأمريكية .. (نيويورك ـ كاليفورنيا ـ فلوريدا).

8 ـ لا يهتم الناخب الأمريكي كثيراً بقضايا السياسة الخارجية ولا يفهمها كثيراً، ولذا فإن أقلية مثل الجماعة اليهودية عندها هذا الاهتمام بإسرائيل وسياسة الولايات المتحدة تجاهها يمكنها أن تمارس نفوذاً قويًّا في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية.

والافتراض الكامن في كثير من الأدبيات العربية أن اللوبي اليهودي الصهيوني (بالمعنى الشائع) هو الذي يؤثر في صناع القرار الأمريكي، بل يرى البعض أنه يسيطر سيطرة تامة على مراكز صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وأنه يدفع هذه السياسة في اتجاه التناقض مع المصالح القومية الأمريكية الحقيقية بما يخدم مصلحة الدولة الصهيونية (وينسب البعض للوبي مقدرات بروتوكولية رهيبة). وهذا يعني بطبيعة الحال أن اللوبي الصهيوني هو لوبي يهودي، وأن اليهود يشكلون قوة سياسية، وكتلة اقتصادية موحدة خاضعة بشكل شبه كامل للسيطرة الصهيونية، ويتحركون وفق توجيهاتها، وأن بإمكان أقلية قوامها (4,2%) من السكان أن تتحكم في سياسة إمبراطورية عظمى مثل الولايات المتحدة.

كما يفترض المفهوم أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة علاقة عارضة متغيرة، وليست إستراتيجية مستقرة، وأن تأييد الولايات المتحدة لإسرائيل ناجم عن عملية ضغط عليها (من الخارج) تقوم به قوة مستقلة لها آلياتها المستقلة وحركياتها الذاتية ومصلحتها الخاصة، وليس نابعاً من مصالح الولايات المتحدة، أو من إدراكها لهذه المصالح.

ويستند إدراك كثير من المنادين بمقولة قوة اللوبي الصهيوني إلى مجموعة من المقدمات المنطقية المعقولة التي تكاد تكون بدهية، ومن وجهة نظرهم فنحن إذا حكَّمنا العقل، ودرسنا الواقع بشكل موضوعي لتوصلنا إلى أنه ليس من صالح الولايات المتحدة الأمريكية أن تدخل في معركة مع الشعب العربي، بل من صالحها أن تتعاون معه في كل المجالات الممكنة؛ لأن مثل هذا التعاون سيؤدي إلى استقرار المنطقة العربية، وسيعود على الولايات المتحدة بالفائدة. فالعالم العربي يشغل موقعاً إستراتيجيًّا مهمًّا، فهو يقع في وسط أفريقيا وآسيا، وله امتداد حضاري وسكاني في كليهما، وهو شريك أوربا في حوض البحر الأبيض المتوسط، ويشكل نواة العالم الإسلامي. ولذا فمن صالح الولايات المتحدة أن تكون علاقاتها جيدة مع شعب يشغل مثل هذا الموقع الإستراتيجي، وألا يزاحمها أحد في مثل هذه المكانة. علاوة على هذا، يضم العالم العربي نسبة ضخمة من بترول العالم، ومن مخزونه الإستراتيجي المعروف، وهذا البترول ـ كما هو معروف ـ أمر حيوي بالنسبة للمنظومة الصناعية في الغرب. كما أن الأسواق العربية من أهم الأسواق من منظور تسويق السلع، وكذلك استثمار رأس المال. والعلاقة الطيبة بين الدول العربية والولايات المتحدة ستؤدي حتماً إلى تحسين صورتها لا في العالم العربي وحسب، بل في العالم الثالث بأسره.

ولكن الولايات المتحدة، هذا البلد العقلاني الذي تحكمه معايير عملية عقلانية مادية باردة، لا تسلك حسب هذه المعايير المعقولة البديهية، فهي تتمادى في تأييد إسرائيل، وتقف وراءها بكل قوة، وتستجلب على نفسها عداء العرب. مثل هذا الوضع شاذ وغير عقلاني لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود قوة خارجية، ذات مقدرة ضخمة، قادرة على أن تضغط على الولايات المتحدة بحيث تتصرف، لا بحسب ما تمليه عليها مصالحها الموضوعية، وإنما حسبما تمليه عليها مصالح هذه القوة، أي: المصالح اليهودية والصهيونية والإسرائيلية التي يمثلها اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى الشائع (.

ولكن ما لم يطرأ لمثل هؤلاء على بال هو أن من المحتمل أن الولايات المتحدة لا تدرك (مصالحها) بهذه الطريقة التي يتصورون أنها عقلانية، بل لعلها ترى أن (عدم الاستقرار أو عدم الاستقرار المحكوم) (بالإنجليزية: كونترولد إنستابيليتي ( Controlled instability أفضل وضع بالنسبة لها، وأن وضع التجزئة العربية هو ما يخدم (مصالحها)، وأن إسرائيل هي أداتها في خلق حالة عدم الاستقرار المحكوم هذه، والخادم الحقيقي (لمصالحها)

¤ موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية د. عبد الوهاب المسيري 6/ 504 فما بعدها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015