يرد "البسط " فى التراث الصوفى مقروناً دائمًا بمصطلح آخر هو "القبض " وهما- فيما يقول الصوفية- مظهران من مظاهر اسمين من أسماء الله تعالى الحسنى: القابض والباسط، وحالان من الأحوال يردان على قلب السالك، ويتولدان من بواعث معينة، مثل: الخوف الذى يبعث القبض، والرجاء الذى يورث "البسط ".
وقد عرفَّهما الإمام الغزالى بأن "البسط"، عبارة عن حال الرجاء، والقبض عبارة عن حال الخوف. على أن الخوف والرجاء من أحوال المبتدئين، أو لمن هو فى مقام "المحبة العامة"، بخلاف القبض والبسط، فهما حالان لمن ترقى عن مقام "المحبة العامة" ونزل بدايات مقام "المحبة الخاصة". وعند السهروردى (539 هـ- 632 هـ) أن أوائل هذا المقام موسم قبض السالك وبسطه، ووقتهما المحتوم، لا يكونان قبله ولا بعده. ويفرق الصوفية بين "الخوف والرجاء" والقبض والبسط "بأن الأوّلين يتعلقان بمحذورأومأمول فى المستقبل، بينمايتعلق الأخيران بمعنى حاصل فى الوقت واللحظة. وقد يتولد القبض والبسط بسبب من الجفاء والوفاء، أو من الفرق والجمع، أو من الوارد القلبى، وقد يتولدان لسبب أدنى من ذلك. من إشارة عتاب أو إشارة تقريب، وقد يهجمان بدون سبب، فينقبض قلب السالك أو ينبسط لغير علة أو سبب معلوم، ويجب على السالك فى هذا النوع الهجومى من القبض التوبة والاستغفار، إذ هو نتيجة تقصير أو جفوة غير معلومة، وعليه أن يصبر ويحتمل ولا يحاول دفعه أو إزالته، كما يجب عليه فى البسط السكون ومراعاة الأدب، وهذا ينبه شيوخ التصوف إلى خطر الاسترسال مع حال البسط، ويحذرون من الخفة والطرب، ويفرضون على السالك أن يحبس بسطه بالسكون والانكماش، ولهم فى ذلك عبارة مشهورة هى: "قف على البساط، وإياك والانبساط ". وأهل التحقيق من أئمة التصوف يستعيذون بالله من حالى: القبض والبسط، ويصفونهما بأنهما: "فقر وضر"
أ. د/ أحمد الطيب