1 - الباب العالي
هو مقر الحكومة العثمانية، وكان يطلق عليه فى العهود العثمانية الأولى "ديوان همايون" أى الديوان السلطانى، وكان يرأسه السلطان العثمانى نفسه فلما اتسعت فتوحات الدولة العثمانية وترامت أطراف أراضيها فى آسيا وأوروبا كثر عدد الوزراء والأمراء فى ديوان همايون تبعاً لكثرة الواجبات الملقاة على عاتق الدولة العثمانية وتبعا لمسئولياتها الداخلية والخارجية فوضع السلطان محمد الفاتح (885 - 886 ـ1551 1481م) تنظيمات جديدة شملت ديوان همايون، ثم أطلق عليه، الباب العالى"، وأسند رئاسته إلى أعلى وزرائه قدراً وأعظمهم شأناً وهو "الصدر الأعظم".
وقد جاء فى تنظيمات السلطان محمد الفاتح أن الباب العالى يرتكز على أركان أربعة هى الصدر الأعظم، وشيخ الإسلام أو قاضى العسكر والدفتردار (ناظر المالية) والنشانجى (كاتب سر السلطان).
ويتبع كل ركن من هؤلاء الأركان هيئة معاونة، أعظمها الهيئة المعاونة للصدر الأعظم، وتتعلق أعمالها بشئون الدولة وسيادتها وولاياتها
يليها الهيئة التابعة لشيخ الإسلام أو قاضى العسكر وهى من العلماء والقضاة وتسمى، "الهيئة الإسلامية"، وتتعلق أعمالها بالشريعة والفتوى والقضاء والعلم والتعليم والوقف ودور العبادة والتعليم والقضاء.
ثم الهيئة التابعة للدفتردار وتتعلق أعمالها بالمال والتجارة والخراج والمقررات الأميرية على سائر الولايات.
ثم الهيئة التابعة لنيشانجى، وهى الكُتَّاب المنوط بهم قيد الماليات الأميرية فى السجلات وضبطها وقيد الجلسات وقرارات المجلس والفرمانات والأحكام العدلية والفتاوى، ويرأسهم رئيس كتاب أفندى حضرتلى).
وكان الوزراء والأمراء الذين يضمهم الباب العالى يتمتعون بعضويته، ولكل منهم رأى وعمل ويعد الصدر الأعظم نائبا عن السلطان فى إدارة جلسات الباب العالى ورئاسة أعضائه وإصدار القرارات والفرمانات العالية بيد أن السلطان كان يجلس فى الباب العالى خلف ستار ليتابع جلسات الباب العالى ويستمع إلى ما يدور فيها من حوار.
فإذا أصدر الباب. العالى فرمانات بتوقيع السلطان وخطه أو بتوقيعه فقط سميت، "فرمانات همايونية" أى سلطانية.
وإذا أصدر الباب العالى فرمانات عالية بتوقيع الصدر الأعظم وخطه أو بتوقيعه فقط سُمَّيت "فرمانات عالية، أى فرمانات الباب العالى.
وكانت جلسات الباب العالى تعقد فى معظم أيام الأسبوع، وتبدأ عقب صلاة الصبح فى كل يوم من أيام هذه الجلسات. وكان الباب العالى لا يقر أمرًا ولا يصدر قرارا إلا إذا كان موافقا لأصول الشريعة الإسلامية، وعدم اعتراض شيخ الإسلام (المفتى الأعظم) أو قاضى العسكر على أى قرار يصدره الباب العالى يعنى وضوح شرعيته، فإذا اكتنف بعض المسائل أو القضايا المعروضة على الباب العالى مشكلات أو أحاط بها غموض فإن الباب العالى لا يصدر بها قرارا إلا إذا استندت إلى فتوى شيخ الإسلام (المفتى الأعظم).
وكان الباب العالى يضم محكمة عليا يرأسها قاضى عسكر أفندى، ويُفتى فى قضاياها المعضلة شيخ الإسلام (المفتى الأعظم)، وهذه المحكمة تفصل في القضايا ذات المستوى الرفيع أو التى لها صلة بشئون الدولة ورجالها، وقد أنشىء على غرارها بمصر فى العصر العثمانى محكمة أطلق عليها محكمة الباب العالى.
وكان الباب العالى يضم إلى عهد قريب دائرة الشورى، ودائرة التشريفات ودائرة الداخلية، ودائرة الخارجية، ودائرة الأحكام العدلية.
وفى العشرين من جمادى الأولى سنة1295هـ/ مايو 1778 م شب حريق عظيم فى الباب العالى التهم دوائر الشورى والتشريفات والعدل وما فيها من أثاث فاخر وأوراق رسمية، فانتشرت فى هذا الوقت شائعات فحواها أن جماعة من الاتحاد والترقى هى التى أشعلت النيران فى الباب العالى انتقاما لمصرع صالح بك والسعاوى أفندى اللذين اقتحما قصر يلدز السلطانى بإسلامبول بمائتى ثائر لخلع السلطان عبد الحميد الثانى قبل حرق الباب العالى بثلاثة أيام وقد عرفت هذه المحاولة الفاشلة "بحادثة جراغان ".
وبعد إلغاء السلطنة العثمانية بخمسة أيام (7 من ربيع الأول 341 اهـ/ أول نوفمبر 1922م) حولت منشآت الباب العالى إلى إدارات لوفد حكومة أنقرة.
أد/ عبد الجواد صابر إسماعيل