لغة: ضد الخوف، وهو: عدم توقع مكروه فى الزمان الآتى، كما فى مختار الصحاح. (1)
واصطلاحا: لا يخرج استعماله عند الفقهاء عن المعنى اللغوى له. (2)
والأمن للفرد والمجتمع والدولة من أهم مقومات الحياة، إذ به يطمئن الناس على دينهم وأموالهم وأنفسهم وأعراضهم، ويتفرغون لما يصلح أمرهم ويرفع شأنهم وشأن مجتمعهم. (3)
ولا يتحقق الأمن إلا بإمام يمنع الفوضى ويحرس الدين والدنيا وتتعلق به مسئوليته. (4)
والأمن مقصود فى شريعة الاسلام فى عباداته ومعاملاته على حد سواء، فالعبادة يقصد بها سلامة النفس والمال والعرض والدين والعقل، وهى الضرورات التى لابد من حفظها لقيام مصالح الدين والدنيا، وقد اتفق الفقهاء على أن أمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه شرط فى تكليفه بالعبادات، لأن المحافظة على النفوس والأعضاء -للقيام بمصالح الدنيا والاخرة- أولى من تعريضها للضرر بسبب العبادة. (5)
ويلاحظ هذا فى كثير من العبادات ففى الطهارة: يعدل عن الطهارة بالماء إلى التيمم عند خشية الضرر، وفى الصلاة: يسقط عن الخائف شرط استقبال القبلة ويصلى على حاله، وكذلك صلاة الجمعة مع فرضيتها تسقط عن الخائف على نفسه أوماله بأن وجد قطاع طريق يخشاهم مثلا، وكذلك تسقط صلاة الجماعة عن المسلم عند عدم تحقق الأمن على نفسه أو ماله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع المنادى فلم يمنعه من اتباعه عذر، لم تقبل منه الصلاة التى صلاها قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض) 0 (6)
وفى الحج: يشترط لوجوبه أمن الطريق حتى تتحقق الاستطاعة التى حددها الله، وكذلك يشترط تحقق الأمن بالنسبة للامتناع عن المحرمات، وهذا يظهر فى إباحة أكل الميتة للمضطر حفاظا على نفسه، وإباحة تناول الخمر لإزالة الغصة عند فقد الماء، والتلفظ بكلمة الكفر بالنسبة للمكره، وغيرها كثير، وكذلك الأمر فى سائر العبادات، يشترط تحقق الأمن إما فى جانب الأداء أو الامتناع فإذا ما فقد الأمن وتحقق الخوف تغير الحكم الشرعى. (7)
أما بالنسبة للمعاملات: فيشترط تحقق الأمن فيها -أيضا- فيشترط الأمن مثلا لمن يريد السفر بمال الشركة أو المضاربة أو الوديعة، وكذلك فى بعض تصرفات الشركاء أو العقود والمعاملات الشرعية (8).
وإذا كان المقرر أن حكم الإسلام بالنسبة للمسلمين هو عصمة أنفسهم ومالهم وعرضهم وعقلهم ودينهم والتكفل بتحقيق الأمن لهم، فإن غير المسلم يتحقق له الأمن بتأمين المسلمين له بإعطائه الأمان.
أ. د/عبد الصبور مرزوق