اصطلاحا: يقصد بهم جماعة من الأتراك الذين سكنوا الجزء الجنوبى الشرقى من التركستان وهضاب أفغانستان وجبالها، وهى الجهات التى سبق أن فتحها القائد الأموى قتيبة بن مسلم الباهلى سنة 90هـ/709م.
أخذ نفوذ أولئك الأتراك يعلو فى الدولة الإسلامية منذ استخدمهم الخليفة العباسى المعتصم 218هـ/833م فى حرسه الخاص، حتى آل إليهم أخيرا حكم كثير من ولايات الخلافة العباسية.
ونبغ من أولئك الأتراك زعيم يسمى "ألبتكين" أقامه السامانيون الذين أقاموا لهم دولة مستقلة فى ظل الخلافة العباسية حاكما على خراسان، ثم اختلف معهم، فاتجه إلى غزنة فى أقصى بلاد الإسلام شرقا، وأنشأ لنفسه مع إخوانه الأتراك دولة هى المعروفة باسم الدولة الغزنوية وذلك فى سنة 351هـ/962م) وطال عمرها حتى سنة (582هـ/1186م) وامتد سلطانها حتى شمل كل أفغانستان وإقليم البنجابا، وهو حوض نهرالسند بالهند.
وتعد هذه الدولة من دول الفتوح فى الإسلام فاشتهر من حكامها "سبكتكين" (366/ 387هـ) ثم ابنه "محمود" 388 - 421هـ الذى استطاع أن يضيف بجهاده إلى دار الإسلام قدر ما أضاف عمربن الخطاب فى المساحة تقريبا إذ أنه فتح شمال الهند كله بما فى ذلك نهر الكنج إلى مصبه، ووصل بالإسلام إلى سفوح الهملايا شمالا، وتسلق هضبة الدكن جنوبا.
وفى هذه المساحة كلها زالت الوثنية وحلت محلها عبادة الله وقامت المساجد.
وكان "محمود" وافيا لوحدة الإسلام، فاعترف بالتبعية للخليفة العباسى القادر بالله 381 - 422هـ وتلقى منه التفويض وخلع السلطنة، ولقبه الخليفة بلقب الأمير كما عرف "بالغازى" وهو أول من حمل هذه التسمية.
وفى أيام الغازى محمود أصبحت غزنة من العواصم العظام فى دار الإسلام فازدانت بالمساجد السامقة والمبانى الدينية العظيمة.
كما ظهر فى بلاطه العديد من علماء المسلمين مثل أبو الريحان البيرونى الذى صحب الغازى محمود فى حملاته إلى بلاد الهند، وظهر أيضا أبو القاسم الفردوسى وهو الشاعر الإيرانى الكبير مؤلف الشاهنامة.
وقد تفككت هذه الدولة بسبب اتساعها الكبير وقامت فى لاهور شمال الهند دولة جديدة تعرف باسم "دولة الغوريين" وهم منسوبون إلى "الغور" من أقاليم جنوب أفغانستان، وتمكن الغوريون من إخضاع منافسيهم فى شمال شرقى الهند ثم وسعوا حدود بلادهم، وجعلوا عاصمتهم مدينة "دهلى" التى تسمى الآن "دلهى".
وتابع الغوريون مطاردة آخر سلاطين الغزنويين بالهند وهما السلطان خسرو وابنه بهرام شاه الثانى حتى قتلوهما، وبذلك انتهت سيرة الدولة الغزنوية التى عمرت قرنين من الزمان.
أ. د/إبراهيم أحمد العدوى