4 - الغرور

لغة: كل ما غر الإنسان من مال، أو جاه أو شهوة أو إنسان أو شيطان.

واصطلاحا: هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع (التعريفات للجرجانى) وتجىء مادة "الغرور" بصيغ مختلفة فى القرآن الكريم، لتدل على معان أهمها الانخداع والتعالى المؤدى إلى البطر، ونكران نعم الله على الإنسان، الأمر الذى يحاسب عليه بقوله: {ما غرك بربك الكريم} الانفطار:6، ولأن هذا الموقف مبنى على باطل، كان النهى عن كل أنواع الغرور والاغترار بالدنيا أو بالدين (1).

أما فى السنة الشريفة فيتركز التنبيه على روافد الغرور، وهى الإعجاب بالنفس وهو ظن كاذب بالنفس فى استحقاق منزلة هى غيرمستحقة لها وكذلك الكبر الذى ينبنى على الإعجاب الخادع، ويؤدى إلى الغرور والتعالى وغمط الحق وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم: (ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه) (2) (لا يدخل الجنة من كان فى قلبة مثقال ذرة من كبر) (3).

وما ذلك إلا لأن الكبر والعظمة صفة الرحمن وحده.

وتبين السنة العلاج حين تدعو إلى التواضع، وإلى أن يعرف الإنسان أصل خلقته ومصيره الذى سيئول إليه.

والربط بين مولدات الغرور وبينه، موضع اهتمام علماء المسلمين الذين كتبوا فى الأخلاق والتربية فمسكويه يقرر أن الغرور جهل من الإنسان بعيوبه وجهل بحقيقة هامة هى أن الفضل مقسوم بين البشرلا يكمل الواحد منهم إلا بفضائل غيره (4).

والماوردى يذكرأن الغرور المبنى على الكبروالإعجاب يضر بصاحبه قبل

غيره لأن غروه يمنعه من أن يستفيد من علم غيره لغروره، ولا يألفه أحد

لتكبره فهو معزول عن مجتمعه ممقوت فيه (5).

أما الأصفهانى فيظهر نقص المغرور لأنه يغتر بما ليس يملك من علم أوعمل أومال ونحو ذلك لأن هذا عطية من الله، والعاقل يشكرولا يغتر، فكيف به إذا استطال أو صلف (اغتر) (6).

أما ابن حزم فيدعو الإنسان المغرور المعجب بما عنده أن يفكر ملئا فى حاله كيف هو وفى النعم التى عنده، من أين أتت؟ وهل هى كاملة دائمة؟ إلى غير ذلك مما يعيد إليه توازنه، والا فمصيبته إلى الأبد (7).

أما الحارث المحاسبى فقد فصل القول فى الكبروالإعجاب والغرور باعتبارها أمراضا نفسية لها خطرها على العقيدة والعبادة وممارسة الحياة، مبينا كيف يكون العلاج وسائله وضوابطه (8).

أ. د/أبواليزيد العجمى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015