من نعم الله على خلقه أنه ميزهم بالعلم. وجعل للإنسان قدرة على التعلم لم يجعلها لأى مخلوق آخر، حتى الملائكة المقربين. والعلم هو الأساس فى تقدم الإنسان ورقيه وبالعلم حقق الإنسان إنجازات بشرية هائلة لم يكن يحلم بها خاصة فى النصف الثانى من القرن العشرين حتى الآن.
ولاشك أن الفارق بين مجتمع متقدم وآخر متخلف. هو فرق مهم بين من حاز على أكبر قدر من العلوم، ويسير فى حياته وفقا للمنهج العلمى. ومن لازال يتخبط فى اتباع أى منهج. ومازال يعتمد على الخرافات والأوهام بعيدا عما أعطاه الله له من قدرات لا يريد أن يستخدمها. لذلك فرض الله على خلقه أن يتعلموا. وأعطاهم القدرة منذ خلقهم على هذا التعلم، ووصل العلماء إلى أن التعلم من فروض الكفاية فى المجتمعات الإسلامية. لذا نضج العلم نضوجًا كبيرا فى العصور الوسطى وفى مختلف أرجاء الدولة الاسلامية
ولاشك أن علوم الدين لها أهمية كبرى فى الإسلام، لأن "من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين" كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذا فرض القرآن الكريم على المسلمين تعلم أصول دينهم والاجتهاد لبذل الجهد فى استخراج الأحكام الكلية من أدلتها التفصيلية. بقول سبحانه وتعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} (التوبة 122).
كما يعلم الله سبحانه وتعالى المسلمين بأن يلجأوا إلى العلماء والفقهاء إن غم عليهم أمر من الأمور. يقول سبحانه وتعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (النساء83).
وإذا كانت هذه الآيات تتصل بعلوم الفقه والأصول فإن القرآن الكريم يوجه المسلمين إلى التعمق فى الخلق وشئونه مما يقودهم إلى تعلم العلوم المتصلة بالحياة وبالبيئة وبالكون بشكل عام. يقول سبحانه وتعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت إلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت} (الغاشية 17 - 20).
أ. د/ جعفر عبد السلام