4 - الطريقة المولوية

المولوية طريقة صوفية تنسب إلى مؤسسها مولانا جلال الدين الرومى.

مركزها مدينة "قونية" بتركيا.

مؤسسها هو محمد جلال الدين محمد بن حسين بهاء الدين البلخى القونوى، المولود فى بلخ (من أعمال خراسان) عام 604هـ - 1207م الذى ينتهى نسبه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه واشتهر والده بلقب سلطان العلماء، عاش مولانا جلال الدين عهد اضطرابات وحروب من فتنة جنكيز خان حتى الحروب الصليبية، وما صاحب ذلك من مظاهر القتل والتخريب ومن جانب آخر ظهرت عدة فرق ومذاهب مختلفة مثل المعتزلة، والمشبهة، والمرجئة والخوارج، فرأى مولانا ضرورة ظهور دعوة تهدف إلى الحفاظ على الإسلام فى النفوس، وحث المسلمين على التماسك والحفاظ على وحدتهم، ومن هنا ظهرت الطريقة المولوية، خاصة وأن مولانا كان قد تتلمذ على يد العارف العالم "شمس الدين التبريزى" الذى حول مسار مولانا جلال من علم القال إلى علم الحال والخلوة والذكر قام شمس الدين تبريزى بتدريب مولانا جلال على أصول التوحيد الصوفى مع الاحتفاظ بالثقافة الشرعية.

اشتهرت الطريقة المولوية بما يعرف بالرقص الدائرى لمدة ساعات طويلة يدور الراقصون حول مركز الدائرة التى يقف فيها الشيخ، ويندمجون فى مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحى فيتخلصون من المشاعر النفسانية ويستغرقون فى وجد كامل يبعدهم عن العالم المادى ويأخذهم إلى الوجود الإلهى كما يرون.

اشتهرت الطريقة المولوية بالنغم الموسيقى عن طريق الناى، وكان مولانا يرى فيه وسيلة للجذب الإلهى، ويعتبره أكثر الآلآت الموسيقية ارتباطا بعازفه، ويشبه انينه بأنين الإنسان للحنين إلى الرجوع إلى أصله السماوى فى عالم الأزل.

كان آخر ملهم لمولانا جلال مؤسس المولوية مريده وتلميذه "حسام الدين جلبى" الذى أحبه مولانا كثيرا ووصفه بأنه مفتاح خزائن الفرس، "وبايزيد الوقت، وجنيد الزمان "، ووصفه أنه نوره (أى نور مولانا)، وبصره، وسنده، ومعتمده.

اشتهرت المولوية بكتاب المثنوى الذى ألفه مولانا، بناء على طلب مريده حسام الدين وكان أشهر كتبه على الإطلاق، واشتهرت الطريقة المولوية بتسامحها الواضح مع أهل الذمة ومع غير المسلمين أيا كان معتقدهم وعرقهم كما يقول: عرق كنت كرديا أو روميا أو تركيا لابد أن تتعلم لغة من لغة لهم وقوله "إن كنت مؤمنا أو كافرا .. بوذيا أو مجوسيا .. فتعالى أكينا".

وعندما توفى مولانا فى ديسمبر عام 1273م شيعه مريدوه فى الطريقة من كل جنس وملة ودين، وكان الحاخامات يقرؤون التوراة والمسيحيون يقرؤون الإنجيل جنبا إلى جنب مع المسلمين دفن مولانا جلال فى مسجده المسمى بالقبة الخضراء فى قونية بجوار والده بهاء الدين.

ويعد كتاب المثنوى أشهر أعمال مولانا جلال الدين مؤسس المولوية، وهو كتابا شعرى يضم 26 الف بيت شعر مزدوج ويشتمل على275 قصة وكلها مستقاة من القرآن الكريم وقصص الأنبياء ويعض قصص ألف ليلة وليلة وبعض نوادر جحا وطبعت فى ستة أجزاء.

يصف مولانا جلال كتابه المثنوى بأنه إلهام ربانى، وفتح روحانى من معانى الكتاب والسنة كتب المثنوى بالفارسية وترجم إلى عدة لغات منها العربية والتركية والإنجليزية والفرنسية والألمانية.

وظهر فى المولوية مدى تأثر مولانا جلال الدين مؤسس المولوية بالعديد من كبار المتصوفين أمثال الغزالى، محى الدين بن عربى، شهاب الدين السهروردى، وفريد الدين العطار، ويحيى بن معاذ، وأبو يزيد البسطامى، والحلاج، والشبلى وإبراهيم بن أدهم وغيرهم.

أثرمولانا جلال الدين أيضا فى علماء كثيرين، مثل كمال الدين الخوارزمى وإسماعيل الأنقروى، وعبد العلى محمد بن نظام، وعبدالعزيز آل جواهر، والشاعر إقبال، وغيرهم. كما أثر فى العديد من المستشرقين أمثال جورج روزن الألمانى، وسير جيمس رد هاوس الانجليزى، ورينولد نيكلسون الإنجليزى أيضا.

من أشهر العلماء المعاصرين لجلال الدين العالم أوحد الدين الكرمانى، وبهاء الدين زكريا، نجم الدين الرازى، ومحي الدين بن عربى، وصدر الدين القونوى، وأبو الحسن الشاذلى، وعزيز الدين النسفى.

لقيت المولوية عناية فائقة من علماء المسلمين والمستشرقين، وذلك لجمع مؤسسها بين الصوفية والشريعة متمشيا مع القرآن والسنة.

خلف مولانا جلال فى الطريقة حسام الدين جلبى الذى نصبه رسميا قبل وفاته بإحدى عشرة سنة.

اتخذت الطريقة الشكل المتماسك بفضل الحلقات التى كان يقيمها مولانا لمريديه وتلاميذه. ومن خلال الطريقة كان مولانا يهاجم الأراء الفلسفية المتناقضة مع الإسلام وكانت استدلالاته جميعها مستقاة من القرآن والسنة.

لاتزال الطريقة المولوية مستمرة حتى يومنا هذا فى مركزها الرئيسى فى قونية. ويوجد لها مراكز أخرى فى استنابول، وغاليبولى، وحلب، ورغم منع الحكومة التركية كل مظاهر التصوف إلا أن الجهات الرسمية فى تركيا تستخدم مراسم المولوية كجزء من الفولكلور التركى.

ويحضر جلسات ذكر المولوية كل من يريد من كل الأجناس ومع كل الأديان ويلقى الجميع تسامحا ملحوظا من المولويين.

أ. د/هدى درويش

طور بواسطة نورين ميديا © 2015