لغة: له عدة معان: منها الكفالة، فنقول: ضمنته الشئ ضمانا إذا كفله.
ومنها الالتزام، فتقول: ضمنت المال، إذا التزمته.
ومنها التغريم، تقول ضمنته الشىء تضمينا إذا غرمته (1).
واصطلاحا: يطلق على المعانى التالية:
(أ) يطلق على كفالة النفس، وكفالة المال عند جمهور الفقهاء.
(ب) كما يطلق على غرامة المتلفات والمغصوبات والمتعيبات والتغيرات الطارئة.
(ج) كما يطلق على ضمان المال والتزامه سواء كان بعقد وبغيرعقد.
(د) كما يطلق على وضع اليد على المال، بغير حق أو بحق.
وقد عرف الفقهاء الضمان بتعريفات كثيرة نقتصرعلى اثنين منها:
الأول: التزام دين أو إحضار عين أو بدن (2).
الثانى: شغل ذمة أخرى بالحق (3).
والضمان جائز شرعا، حفظا للحقوق، ورعاية للعهود، وجبرا للضرر، دلت على ذلك نصوص كثيرة من القرآن الكريم والسنة المطهرة ومن ذلك:
(أ) قوله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} يوسف:72، فزعيم: أى ضامن، فقد ضمن يوسف رضى الله عنه لمن جاء بسقاء الملك قدرما يحمله البعيرمن الطعام.
(ب) ما رواه أنس رضى الله عنه قال: أهدت بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم إلى النبى طعاما فى قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم (طعام بطعام، وإناء بإناء) (4).
(ب) ما رواه سمرة بن جندب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (على اليد ما أخذت حتى تؤدى) (5) أى ضمانه.
ولكى يتحقق الضمان شرعا، ويجب على من التزم به، لابد من توافر ثلاثة أركان هى:
التعدى، الضرر، علاقة السببية بين التعدى والضرر " الافضاء".
- فالتعدى: هو مخالفة ما حده الشرع أو العرف، فيشمل التعدى: المجاوزة، والتقصير، والإهمال، وقلة الاحتراز، كما يشمل العمد والخطأ (6).
- أما الضرر: فهو إلحاق مفسدة بالغير، وهذا يشمل الإتلاف والإفساد. والضرر قد يكون ناشئا عن القول أو الفعل، كما أنه قد يكون بالقول والفعل أو بالترك. (7).
- أما علاقة السببية: فيشترط أن يكون التعدى مفضيا إلى الضرر، سواء كان بالمباشرة أو بالتسبب، ويشترط أيضا أن لا يتخلل بين السبب وبين الضرر فعل فاعل مختار، فإذا وجد هذا الفاعل الأجنبى فإنه يضاف الضمان إليه، وينقطع التعدى عن الضرر (8).
وللضمان أسباب، ذكر الشافعية والحنابلة أنها قد تكون:
(أ) العقد: كالمبيع، والثمن المعين قبل القبض، والسلم فى عقد البيع.
(ب) اليد: مؤتمنة كانت كالوديعة والشركة، فى حالة حصول التعدى، أو غير مؤتمنة كالشراء الفاسد.
(ج) الإتلاف: سواء كان للنفس أو المال (9).
أما المالكية فقد ذكروا أن أسباب الضمان هى:
(أ) الإتلاف مباشرة؛ كإحراق الثوب.
(ب) التسبب فى الإتلاف: كحفر بئر فى موضع لم يؤذن فيه فيترتب عليه فى العادة إتلاف.
(ج) وضع اليد غير المؤتمنة: ويندرج فيها يد الغاصب، والبائع يضمن المبيع الذى يتعلق به حق توفيته قبل القبض (10).
والأمانات يجب تسليمها بذاتها، وآداؤها فور طلبها، لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} النساء:58. وتضمن الأمانات فى حالة التعدى، وإلا فلا ضمان فيها.
أما المضمونات فتضمن بالإتلاف وبالتلف ولوكان سماويا (11).
هذا وأحكام الضمان كثيرة ومتفرعة فى سائر أبواب الفقه، فيرجع إليها لمن أراد الاستزادة من سائر كتب المذاهب.
أ. د/على مرعى