10 - الشفاعة

لغة: من الفعل شفع يشفع شفاعة، وتشفع بمعنى طلب ورجا، ومنه الشفيع والشافع، وجمعه شفعاء وقد يجمع بالواو والنون جمعا مذكرا فيقال شافعون ومنه استشفع لفلان على فلان وتشفَّع له، وتشفع إليه فشفعه فيه وشفعه له.

وفى القرآن الكريم: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها} (النساء85).

والشفاعة طلب ورجاء من الشفيع فى حاجة يسألها لغيره عند الغير. وفى الحديث: "إذا بلغ الحد السلطان فلعن الله الشافع والمشفع"

واصطلاحا: عند علماء أصول الدين هى سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يتجاوز عن ذنوب أمته بمغفرتها، والشفاعة هى خصوصية اختص الله بها نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - دون سائر الأنبياء والرسل، قال - صلى الله عليه وسلم -: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء، أحلت لى الغنائم ولم تحل لنبى قبلى، وجعلت لى الأرض مسجدا وتربتها طهورا فأيما امرؤ أدركته الصلاة فليصل، ونصرت بالرعب، وأعطيت الشفاعة، وكان كل نبى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"

والشفاعة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وأحاديث الشفاعة كثيرة الورود فى كتب الأحاديث الصحيحة وفى كتب السنن، وفى القرآن الكريم: {من ذا الذى يشفع عنده إلا بأذنه} (البقرة 255) وجمهور المفسرين أنه لم يؤذن لأحد فى الشفاعة من الأنبياء إلا لمحمد - صلى الله عليه وسلم -. فهى أصل من أصول الإيمان، ومنكرها كافر بإجماع أهل السنة والجماعة.

لم يشذ إجماع المسلمين عليها إلا طائفة من الخوارج وبعض رجالات المعتزلة لأنهم قاسوا شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمته على شفاعة الإنسان للإنسان فى الدنيا.

والشفاعة أنواع ومراتب:

1 - الشفاعة العظمى يوم الموقف، وهى خاصة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لحديث الشفاعة الطويل الوارد فى البخارى ومسلم، وفيه:

أن الناس يهرعون إلى الأنبياء جميعا طلبا لشفاعتهم من الله من هول الموقف فيهرعرن إلى آدم وإبراهيم وموسى وعيسى وكلهم يقول: لسنا لها. ثم يجيئون إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيقول: أنالها أنالها .. الحديث.

2 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - فى أقوام استوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع لهم ليدخلوا الجنة.

3 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - فى أقوام قد أمر بهم ليدخلوا النار. فيشفع لهم فيدخلون الجنة

4 - شفاعته فى أقوام يدخلون الجنة بغير حساب.

5 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - فى أن يؤذن لجميع أمته المؤمنين به فى أن يدخلوا الجنة.

6 - شفاعته فى تخفيف العذاب عمن يستحقه. كشفاعته فى عمه أبى طالب.

7 - شفاعته فى رفع درجات بعض المؤمنين. وقد وافق المعتزلة على هذا النوع فقط من بين أنواع الشفاعة المذكورة.

8 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته، لقوله - صلى الله عليه وسلم - " شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى." وقد أنكر ذلك الخوارج والمعتزلة.

وقد يشارك الملائكة والنبيون والمؤمنون فى هذا النوع من الشفاعة فإن المؤمنين يشفع بعضهم لبعض كما فى الحديث: إن للشهيد عند الله سبع خصال، وذكرمنها: أن يشفع فى سبعين إنسان من أقاربه. وفى القرآن الكريم {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} (الطور 21) وقد اختلف المحققون فى منكر الشفاعة والراجح عندهم أنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، لأنها ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع. فمن أنكر فقد أنكر ما هو ثابت بالنصوص القطعية ومن هنا قالوا بكفره.

أ. د/ محمد السيد الجليند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015