لغة: هو الدائم الذى لا ينقطع.
اصطلاحا: هو"ما لا أول له ولا آخر" (التعريفات للجرجانى)، أو هو الدائم والطويل من الليالى كما جاء فى معلقة طرفة ابن العبد:
لعمرك ما أمرى على بغمة * نهارى ولا ليلى على بسرمد.
وقد ورد هذا اللفظ مرتين في القرآن الكريم بذات المعنى في قوله تعالى: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل الي سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون. قل ما أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون} القصص:71 - 72 0
ويجتمع فى لفظ السرمد معنيان: الأزل والأبد. فالأول ما لا بداية له، أوكما يعرفه الي الفلاسفة "الوجود فى أزمنة مقدرة غير متناهية فى جانب الماضى". أما الأبد فهو: "الوجود فى أزمنة مقدرة غير متناهية فى جانب المستقبل" والشىء الذى يوصف باللانهائية فى المستقبل يسمى "السرمد". منسوبا إلى الأشياء مع مفهوم "السرمد" مع مفهوم "القدم" الذى لا ينسب إلا لله عز وجل حسب مذهب المعتزلة، ونتج عن تماديهم ومبالغتهم فى هذا المذهب كثير من المشكلات الكلامية والفلسفية، ومنها مسألة خلق القرآن أو "كلام الله المخلوق" (انظر مادة الصفات).
أما المعنى الذى يفهم من تفسير الآيتين الكريمتين من سورة القصص (71 - 72) فلا يتضمن معنى الأزلية أى اللابداية، بل أكثر ما يفهم منها هو معنى اللانهاية، لأنه لوكان المقصود أن يجعل الله الليل أو النهار أزليا أبديا لما عرف الناس غير الليل أو النهار، ولما عرفوا الفرق بينهما ولا الحكمه من اختلافهما، بل لأصبحوا يخافون اختلاف الليل والنهار الذى جعله الله آية من آياته الكبرى. كما جاء فى قوله تعالى {إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس. لآيات لقوم يعقلون} البقرة:164، فلا يتم المعنى المقصود فى آيتى سورة القصص إلا إذا كان الإنسان يعرف فوائد الليل وفوائد النهار فيكون فى انعدامها ضياع لهذه الفوائد. بهذا المفهوم يقترب معنى "السرمد" من معنى كل من "الأبد" والخلود (انظر هاتين المادتين) اللذين يتضمنان معنى بداية الأمر- لا ينتهى فى الزمان.
أ. د/السيد محمد الشاهد