لغة: فعالة من راض.
واصطلاحا: يقصد بها رياضة النفس عن متابعة الأهواء، وتسخيرها فى ملازمة حدود الشرع، بمعنى أن الرياضة عملية تربوية تهدف إلى السيطرة على غرائز الإنسان الحيوانية والتسامى بها إلى الروحانيات.
وارتبط مصطلح الرياضة بالصوفية ويعنى عندهم المجاهدة، وقيل إن الرياضة ملازمة الصلاة والصوم والمحافظة عن الآثام، وسد باب النوم والبعد عن صحبة القوم للاعتزال.
واعتبر الصوفية أن الحرمان أساس كل رياضة ومجاهدة، وأخذوا من الجوع وسيلة لذلك، وباعتيادهم الجوع بلغوا ما يصبون إليه من صفاء النفس وغلبة الروح على الجسم، وأحيانا يغالون فى ذلك حتى زعموا أن الصوفى الذى بلغ هذه الدرجة من الصفاء بسبب كثرة الرياضة والمجاهدة يمكن أن تصدر عنه العجائب والخوارق.
والسالك فى طريق التصوف يسلك رياضة تنقله من منزلة عبادة إلى منزلة أعلى منها، والسالك هو المنتقل من مقام إلى مقام، وهذا الطريق الذى يسكن بالرياضة لابد أن يمر فيه بمراحل متعددة تسمى المقامات كى تصل فى النهاية إلى غايته وهو الله، ويشبه ذلك بمن يبدأ رحلة سفر بطريق ما واضعا نصب عينيه المشقة التى تقوم على الرياضة.
وينتقل السالك برياضته عبر مقامات فى طريقه إلى ربه، وسمى المقام مقاما لثبوته واستقراره عليه، والمقام يأتى ببذل المجهود، فهو من المكاسب وهى رتب ودرجات معنوية يتدرج فيها السالك، وتقوم الرياضة على استخدام أساليب سلبية، ووسائل إيجابية، فالسلبية هى التخلص من آفات النفس، وهذا يتم أولا، أما الإيجابية فهى التزود بما يتحلى به الصوفى فى رحلته من الأذكار والصلاة والعبادات فيطلق عليه التخلى والتحلى.
والصوفى فى رياضته تلك يمر بمقامات هى: التوبة والورع والزهد والفقر والتوكل ثم الرضا، والصوفية لا يصلون إلى غاية الطريق ونهايته إلا عبر الرياضة والترقى، فلا يصح أن يقف الصوفية عند مقام أو مقامين، بل لابد من تخطى كل المقامات.
وقد سئل أحد الشيوخ عن الفرق بين طريقة الإمام أبى الحسن الشاذلى التى تقوم على الشكر لله بلا مشقة، وبين طريقة الإمام الغزالى التى مدارها الرياضة، فأجاب: إن طريق الشكر هو الأصل، وأضاف إليه أهل الرياضة الفتح والكشف والجوع والسهر والصيام ودوام الخلوة، أى مختلف الرياضات حتى حصلوا على ما حصلوا عليه.
والشكر يتعلق برياضة القلوب والتزام الوقوف على بابه تعالى، أما الرياضة فتتعلق برياضة الأبدان من صوم وجوع وسهر بالإضافة إلى رياضة القلوب.
أ. د/ منى أبو زيد