24 - رواة الحديث

لغة: رَوَى البعيرُ الماءَ يَرْويه من باب رَمى: حَمَله، فهو راوية، والهاء فيه للمبالغة (1).

واصطلاحا: رواة الحديث هم الذين يحملونه وينقلونه إلى غيرهم، وهو مأخوذ من المعنى اللغوى السابق.

وكان العرب قبل الإسلام يتحملون الشعر وينقلونه، وسُمُّوا رواة (?)، فلما جاء الإسلام حفظ المسلمون القرآن الكريم ونقلوه، وكذلك حفظوا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتعاقب الأجيال على ذلك.

وفى القرآن الكريم ما يدعو الرواة إلى تمحيص الأخبار والتثبت فيها عندما يروونها وتُروَى لهم. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} (الحجرات 6).

وقد حثَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على سماع حديثه وحفظه، ثم روايته حتى تستفيد منه الأجيال المتعاقبة فقال - صلى الله عليه وسلم -: " نضَّرَ الله امرأً سمع مقالتى فوعاها، وحفظها، وبَلَّغها، فرُبَّ حاملِ فقه إلى من هو أفقه منه " (3).

وقال - صلى الله عليه وسلم - واصفا ومرشدا ما يكون من أمر سنته- وهو أنها تنقل بسماع الرواة بعضهم من بعض- " تسمعون ويُسمَع منكم، ويُسمَع ممن يَسمع منكم " (4).

وحذر - صلى الله عليه وسلم - الرواة من الكذب عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم - فى الحديث المتواتر: "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" (5).

فامتثلت الأمة ما أمرها به نبيها - صلى الله عليه وسلم - وندبها إليه، وبادرت إلى نقل سننه، وحافظت عليها، واستمر العمل بها خلفا بعد سلف، وتنوعوا فى حفظها وضبطها كابرا عن كابر فهم كما وصفهم نبيهم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدولهُ، ينفُون عنه تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويل الجاهلين " (6).

ومن هذا التوجيه النبوى وقبله القرآن الكريم نشأت الشروط التى تُشتَرَط فى رواة الحديث كى يؤدَّى الحديث آداءً صحيحا.

واشترط فى رواة الحديث بعضهم عن بعض أن يكونوا مسلمين بالغين عدولا ضابطين والعدالة هى: التقوى والمروءة.

والمراد بالتقوى: اجتناب الراوى للأعمال السيئة من فسق وبدعة (7).

والمراد بالمروءة: اجتناب ما يُذم به عرفا من الأخلاق المذمومة (8).

أما الضبط فهو أن يكون الراوى حافظا لحديثه منذ تحمله إلى أن يؤديه آداءً سليما. ويتنوع الحفظ إلى حفظ صدر وإلى حفظ كتاب (9).

وتوافر العدالة والضبط أو عدم توافرهما يجعل الرواة على مستويات أو مراتب متفاوتة، وبالتالى تتفاوت أحاديثهم، ومن هنا كان هناك رواة الأحاديث الصحيحة، ورواة الأحاديث الحسنة، ورواة الأحاديث الضعيفة، ورواة الأحاديث الموضوعة، مما هو مفصل فى علم الجرح والتعديل.

وهناك المصطلحات التى تطلق على كل مستوى أو مرتبة.

فرواة الأحاديث الصحيحة تطلق عليهم عبارات تنبئ عن العدالة والضبط التامَّين كقولهم: "ثقة".

ورواة الأحاديث الحسنة تطلق عليهم عبارات تنبئ عن ضبط أقل من سابقتها كقولهم: "لا بأس به "، وهكذا، فهناك مراتب للتعديل ومراتب للجرح (10).

كما وضع هؤلاء الرواة فى طبقات، تبعا لوجودهم فى الأزمنة المختلفة (11).

وصُنِّفت الكتب التى تبين أحوال كل راوٍ وشيوخه الذين أخذ عنهم، ومن أخذوا عنه، وغير ذلك مما هو مفيد فى توثيق السنة، وبيان صحيحها وضعيفها وموضوعها، واتصال بعض الرواة ببعضهم وعدم اتصالهم (12).

أ. د/ رفعت فوزى عبد المطلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015