"الدهرية" هى أصل كل مذاهب الإلحاد والمادية التى عرفتها البشرية، فهى مذهب كل من اعتقد فى قدم الزمان والمادة والكون، وأنكر الألوهية والخلق والعناية والبعث والحساب. ويتوازى مع إنكار البعث والحساب عقيدة (تناسخ الأرواح) الذى يعتقد أصحابها بأن أرواح البشر تنتقل من جسد كائن حى (إنسان أو حيوان) إلى جسد كائن حى آخر بعد موت الأول، فتشقى هذه الروح أو تسعد حسب ما اكتسبه الإنسان الذى كانت حاله فى جسده إن خيرا فخير وإن شراً فشر.
وقد لخص القرآن الكريم عقيدة الدهريين فى آية كريمة، فى قوله تعالى:} وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يُهلِكنا إلا الدهر {(الجاثية 24). آما الخلق والتدبير للكون فينسبونه للكواكب (1).
وُيْرجع المستشرق "دى بور" نشأة هذا المذهب إلى أصول فارسية، ويرى أن كلمة "الدهرية" تقابل " الزروائية" نسبة إلى "زروان " أو "زرفان " وهى تعنى فى اللغة الفارسية "الدهرية"، كما يرجع تاريخه إلى عهد يزدجرد الثانى (438 - 457)، وهو آخر ملوك الدولة الساسانية قبل الفتح الإسلامى (39 هـ/ 651 م) (2). ويعرِّف الشهرستانى أصحاب هذا المذهب: "بأنهم أولئك الذين أنكروا خلق العالم والعناية الإلهية، ولم يسلِّموا بما جاءت به الأديان الحقة، وقالوا بقدم الدهر، وأن المادة لا تفنى" (3).
ويمكن اعتبار الفلسفة الوضعية الحديثة وكذلك الفلسفة الماركسية أحدث صور الدهرية القديمة.
أ. د/1لسيد محمد الشاهد