لغةً: الأمان والمَوْثق والذمة ومنه قيل للحربى يدخل بالأمان ذو عهد ومعاهد، والمعاهدة المعاقدة (1).
اصطلاحاً: هى كل بلد صَالَح الإمام أهلُها بترك القتال على أن تكون تلك الأرض لهم وللمسلمين الخراج عنها (2) وتسمى دار الموادعة، ودار الصلح، ودار المعاهدة.
يجوز أن يعقد الإمام مع أهل الحرب عهدا للمصالحة يترك بموجبه القتال مدة بعوض أو بغير عوض فتكون تلك الدار دار عهد.
وينقسم عقد الصلح مع أهل الحرب إلى قسمين:
1 - أحدهما: يشترط فى عقد الصلح أن تكون تلك الأراضى لنا، ونقرها بأيديهم بخراج يؤدونه لنا، فهذا الصلح صحيح باتفاق الفقهاء، والخراج يعتبر أجرة نظير الانتفاع بالأرض لا يسقط بإسلامهم، ويؤخذ خراجها إذا انتقلت إلى مسلم، وهم يصيرون أهل عهد والدار دار إسلام ليس لهم أن يتصرفوا فيها بالبيع أو الرهن.
والثانى: يشترط فى عقد الصلح معهم أن تكون الأرض لهم بموجب الصلح باتفاق الفقهاء، ويوضع الخراج على الأرض يؤدونه عنها ويكون لبيت المال وهذا الخراج يعتبر فى حكم الجزية فمتى أسلموا سقط عنهم، ولا تصير الدار دار إسلام وتكون دار عهد ولهم بيعها ورهنها، وإذا انتقلت إلى مسلم لم يؤخذ خراجها ويقرون فيها ما أقاموا على العهد، ولا تؤخذ جزية رقابهم لأنهم فى غير دار الإسلام ولا يمنعون من إظهار شعائرهم فيها كالخمر والخنزير وضرب الناقوس ولا يمنعون إلا مما يتضرر به المسلمون كإيواء جاسوس، ونقل أخبار المسلمين إلى الأعداء وسائر ما يتضرر به المسلمون.
ويجب على الإمام أن يمنع المسلمين والذميين من إيذاء أهل دار العهد والتعرض لهم، لأنهم استفادوا الأمان فى أنفسهم وأموالهم بالموادعة وهذا العهد عقد غير لازم محتمل للنقض فللإمام أن ينبذ إليهم، لقوله تعالى:} وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء {(الأنفال 58). أما إذا وقع العهد على أن تجرى فى دارهم أحكام الإسلام فهو عقد لازم لا يحتمل النقض منا، لأن العهد الواقع على هذا الوجه عقد ذمة والدار دار إسلام يجرى فيها حكم الإسلام.
فإن نقضوا الصلح بعد استقراره معهم فقد اختلف العلماء فيه: فذهب الشافعى وأبو يوسف ومحمد إلى أن دارهم تصير دار حرب، وقال أبو حنيفة: إن كان فى دارهم مسلم أو كان بينهم وبين دار الحرب بلد للمسلمين، فتبقى دارهم دار إسلام يجرى على أهلها حكم البغاة وإن لم يكن بينهم مسلما ولا بين دار الحرب بلد للمسلمين فتكون دار حرب (3).
أ. د/ فرج السيد عنبر