لغة: ما تشبه لك فى اليقظة والحلم من صورة، كما فى اللسان (1).
واصطلاحا: يقصد به أحد قوتين:
1 - القوة الذهنية التى تحتفظ بصور المحسوسات، بكل أنواعها من مرئية ومسموعة وملموسة ومشمومة، بعد غياب هذه المحسوسات عن الحواس التى أدركتها.
وهو بهذا المعنى شىء يشبه الذاكرة، سواء كانت هذه الذاكرة تفصيلية حرفية تحفظ الأشياء الفردية كما أدركها صاحبها، أو ذاكرة إجمالية مجردة تحفظ الصور العامة للمدركات الحسية.
2 - القوة الذهنية الأخرى التى تعتمد على صور المدركات السابق ذكرها، فتختار منها بعض عناصرها، وتقوم بالتأليف بينها مبدعة بذلك صورا جديدة.
وهذه الصور الجديدة قد تكون مع هذا واقعية (أى ليست مستحيلة؛ بل يمكن أن تقع)، وقد تكون خارقة مستحيلة، كما فى الملاحم القديمة، والخرافات والأساطير، وكما فى كثيرمن قصص "ألف ليلة وليلة" و"رسالة التوابع والزوابع" وبعض قصص جوته وإدجار ألن بو، وقصة "آلة الزمن" لهربرت جورج ولز، و"عود على بدء" لإبراهيم المازنى.
وهذه الصور الخيالية قد تكون صورا محدودة جزئية، مثلما هو الحال فى التشبيه والاستعارة والمجاز، وقد تكون صورا كلية فسيحة المدى، كما هو الحال فى القصص والمسرحيات، وقد تكون شيئا وسطا بين هذا وذاك، كما فى اللوحات التصويرية في بعض القصائد والمقالات وغيرها.
وقد اختلف موقف النقاد والأدباء المبدعين من الخيال:
فبعضهم كأفلاطون قد أدانه، ومن ثم أخرج الشعراء من "جمهوريته ".
وبعضهم رحب به أيما ترحيب، وجعله محور الإبداع، كنقاد العرب القدماء، الذين كانوا يرون أن أعذبا الشعر أكذبه، وكالرومانسيين.
وغنى عن البيان أن الواقعية هى أيضا لا تستغنى عن الخيال، بل أن أحد ألوانها، وهى الواقعية السحرية، التى ظهرت مؤخرا فى أعمال قصاصى أمريكا اللاتينية، يخلط بين الواقعى والخرافى الغرائبى فى جديلة واحدة، وليس فى هذا ما يدعو إلى الدهشة أو التعجب؛ إذ لا يعدو الأمر أن يكون تضافرا بين درجتين أو نوعين من أنواع الخيال.
وفى الشعر الصوفى الإسلامى يتلون الخيال بصبغة خاصة، إذ يتجه إلى عالم الغيب الأعلى تبعا لاهتمامات أصحابه، الذين يولون وجوههم نحو الله سبحانه وتعالى، محاولين الاقتراب منه، بل والفناء فيه كما يزعمون، فنراهم يتحدثون عن ليلى ووصالها لهم وهجرها إياهم، وعن الخمرة والساقى وما إلى ذلك، وهم إنما يقصدون (حسبما يقولون) الذات الإلهية، والنشوة الروحيه التى تعتريهم عند نجاحهم فى تحقيق ما يصبون إليه من الاقتراب منها، أو الفناء المزعوم فيها.
أ. د/إبراهيم عوض