لغة: مصدر خطب يخطب أى باشر الخطبة كما فى اللسان (1).
واصطلاحا: قد عرفت بتعريفات كثيرة منها تعريف "أرسطو" بأنها: القدرة على النظر فى كل ما يوصل إلى الإقناع فى أى مسألة من المسائل (2).
وعرفها ابن رشد بأنها: قوة تتكلف الإقناع الممكن فى كل واحد من الأشياء المفردة (3).
وعرفها بعض المحدثين بأنها: نوع من فنون الكلام غايته إقناع السامعين واستمالتهم والتأثير فيهم بصواب قضية أو بخطأ أخرى (4).
وعرفت بأنها: علم يقتدر بقواعده على مشافهة الجماهير بفنون القول المختلفة لإقناعهم واستمالتهم (5).
والخطابة ضرورة اجتماعية تفرضها الظروف، وتعبر عن المجتمع بوجه عام، وكل الأمم فى حاجة إليها، بل إن المواقف المجيدة فى تاريخ الأمم مدينة للخطباء الذين عبروا عن قضاياهم أصدق تعبير، وأثروا فى مجتمعاتهم أعظم التأثير.
والخطابة أنواع كثيرة منها: الخطابة العلمية، والخطابة السياسية، والخطابة العسكرية، والخطابة الدينية، والخطابة الاجتماعية، والخطابة القضائية، والخطابة الحفلية.
وللخطابة طرق للتحصيل وعوامل للرقى، فمن طرق تحصيلها: الموهبة والاستعداد الفطرى، ودراسة أصول الخطابة، ودراسة كثير من كلام البلغاء، وحفظ الكثيرمن الألفظ والأساليب، وكثرة الاطلاع على العلوم المختلفة، والتدريب والممارسة.
أما عوامل رقيها فمنها: الحرية، وطموح الأمة إلى حياة أرقى وذلك -مثلا- إذا ما تفشى فى أمة من الأمم سخط على نظام قائم ووجدت إرادة فى التغيير إلى الأفضل، والتاريخ القديم والمعاصر يشهدان لهذا، والتغيرات الدينية والسياسية والاجتما عية، والحروب والثورات، وكثرة الأحزاب والتكتلات مع تنازعها، والرغبة فى إصلاح ذات البين.
وفن الخطابة له أصول يتعلق بعضها بالخطيب وبعضها بالخطبة.
فأما ما يتعلق بالخطيب فأهمه: الموهبة ورباطة الجأش، وسلامة الصوت من العيوب، وطول النفس، وحسن الوقفة، وحسن استخدام الإشارة فى موضعها المناسب، والسمت الذى يستميل سامعيه.
وأما ما يتعلق بالخطبة فأهمه: براعة الاستهلال، ووفرة المحصول من مختلف أساليب البيان، والتنقل بين الانشائية والخبرية، ووضوح المعانى من خلال قصر الجمل، وملاحظة تقسيم الخطبة، ثم موضوع الخطبة، ثم الختام الذى يجب أن يشتمل على جمل يسهل تردادها وتذكرها بعد انتهاء الخطيب من خطبته وخاصة فى النوعين السياسى والدينى من الخطابة.
هذا وتجدر الإشارة إلى بعض الأسماء من الخطباء الذين خلد التاريخ ذكرهم مثل: "ميرابو" و"سحبان وائل" و"قس بن ساعدة" و"واصل بن عطاء" فى القديم، ومثل "غاندى" و"مصطفى كامل" و"سعد زغلول" فى الحديث (6).
وللخطابة علاقة وثيقة بغيرها من العلوم، فبالنسبة للعلوم الإنسانية: لها علاقة وثيقة بعلم المنطق، وعلم النفس وخاصة علم نفس الجماعة، وعلم الاجتماع.
وبالنسبة للعلوم الاسلامية: فهى تتصل بكل هذه العلوم، والعلوم الإسلامية تفيد علم الخطابة بصفة عامة والخطابة الدينية بصفة خاصة.
ومن أهم ما يحتاجه الخطيب من العلوم الإسلامية ومصادرها: القرآن الكريم، والسنة النبوية، ومقارنة الأديان، ومعرفة الأحكام الفقهية ومصادر التشريع، والعلم بالتاريخ الإسلامى -ولا تخفى علاقتها- أيضا.
بالشعر والأدب، والكتابة، والأخلاق والسياسة (7).
أ. د/عبد الصبور مرزوق