لغة: خَتم الشىء: آخره، وخِتامُ القوم وخاتِمهم وخاتَمهم: آخرهم. يقال: خَتَم الشيء يختمه ختماً بلغ آخره.
واصطلاحاً: عقيدة إسلامية بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو آخر الأنبياء وخاتم النبيين، وأن الدين به قد أكمل وأن رسالة الإسلام هى الرسالة الأخيرة الخاتمة.
وختم النبوة والرسالة بسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أمر مقرر فى القرآن الكريم يقول تعالى:} ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين {(الأحزاب 40).
وجاءت السنة الصحيحة مبينة لهذا المعنى، من ذلك ما روى عن أبى هريرة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة. قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين" (رواه البخارى). وقوله - صلى الله عليه وسلم - بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبى خلفه نبى، وإنه لا نبى بعدى، (رواه البخارى).
وقد اجتمعت أقوال المفسرين على هذه الحقيقة وتأكيدها، يقول الإمام ابن كثير: وقد أخبر الله تعالى فى كتابه، ورسوله فى السنة المتواترة عنه بأنه لا نبى بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده، فهو كذاب أفاك دجال مضل.
ويقول الألوسى: وكونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين مما نطق به الكتاب وصدعت به السنة وأجمعت عليه الأمة فيكفر مدع خلافه، وما كان لمسلم أن يؤول القرآن والسنة الصحيحة تأويل من لا ينصح لله ورسوله ليجيب داعية هوى فى نفسه.
وهكذا انعقد إجماع الأمة على هذه الحقيقة، إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور بعض الأدعياء الذين ادعوا النبوة لأنفسهم، أمثال: الأسود العنسى ومسيلمة الكذاب وسجاح .. وقد تصدت لهم الأمة الإسلامية بحسم فى عهد الخليفة أبى بكر الصديق - رضي الله عنه - مما يؤكد ويدعم أن حقيقة ختم النبوة للنبى - صلى الله عليه وسلم - كانت مقررة فى صدور المسلمين.
ولعل هذا التسليم بمقام النبوة وختمه بسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، هو ما دفع بعض الصوفية باتخاذ مقام الولاية ونسبته إلى بعضهم بعد إسباغه معنى اصطلاحيَّا خاصا، يتفوق به عن مقام النبوة عند بعضهم. حتى قال أحدهم:
مقام النبوة فى برزخ فويق الرسول ودون الولى.
بدأ ذلك عند الحكيم الترمذى حيث ذهب إلى امور غريبة لم يسبق إليها، وقد أوّل معنى خاتم الأنبياء بقوله: ليس معنى كونه خاتم الأنبياء أنه آخر الأنبياء مبعثاً ورسالة، ولكنه يعنى أن رسالته مختومة بخاتم الصدق، وهو صدق العبودية لله. إلا أنه لم يذهب إلى القول بتقدم الولى عليه، وإنما جعل الرسول فى قمة الدرجات، ثم يليه النبى، ثم الولى المحدّث، ثم بقية الأولياء.
وقد التقت أفكاره تلك بتراث كثير من الصوفية بعده، وعلى رأسهم ابن عربى.
إلا أن أعداء الإسلام أرادوا أن يكيدوا له باسم الإسلام؛ فظهرت فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر فى بلاد الهند الدعوى القاديانية والتى تقدّم باسم الإسلام، وقد ساندها فى نشأتها الصليبيون المستعمرون، وكان من أحد دعائم دعوتها إنكار ختم النبوة بالمصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم -، منتحلة فى ذلك مماحكات لا ترقى لأن تمثل مجرد شبهة إلا عند من اتبع هواه ليضل عن سبيل الله، وقد قدم صاحب هذه الدعوى "مرزا غلام أحمد القاديانى" نفسه باعتباره مصلحاً ثم مهديا ثم المسيح الموعود وأخيراً نبيا ورسولاً. ومثل هذا فعلته البهائية فى إيران حيث أنكرت عقيدة ختم النبوة، ولكنها أعلنت بصراحة: أنها طائفة مستقلة ليست مسلمة بمعنى الكلمة المصطلح عليها. وما كان أغناها عن هذه الصراحة، فمن المعلوم بالضرورة أن من أنكر ذلك فقد خرج من ربقة الإسلام، فإن عقيدة أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين هى الخط الفاصل بكل دقة بين الدين الإسلامى والديانات الأخرى التى تشارك المسلمين فى عقيدة التوحيد، وبهذا الخط الفاصل يستطيع الإنسان أن يحكم على طائفة بالاتصال بالإسلام أو الانفصال عنه.
(هيئة التحرير)