الحياء هو انقباض النفس عن القبائح، وهو قسمان:
¨ جِبِلَّى وهو ما فطرت النفوس عليه من ترك ما يحيك فى الصدر، ويخشى المرء اطلاع الناس عليه ..
¨ مكتسب وهو ترك ما يذم شرعا ..
والحياء خلق أجمعت عليه رسالات الوحى الإلهى، وجاء على ألسنة المرسلين، ففى صحيح البخارى بسنده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " والذى يعين المرء على التخلق بخلق الحياء أن يستشعر خشية الله فى السر والعلن، وان يتذكر نعم الله عليه، ويرى عجزه عن الوفاء بشكرها، فيستحى أن يستخدم نعم الله فى معصية الله ..
والحياء يختلف عن الجبن، لأن الحياء يمنع من القبائح، أما الجبن فيمنع من المكارم .. والحياء على النقيض من المجاهرة بالمنكر، لأن الحياء فى حقيقته خوف الذم أما المجاهرة ففيها عدم الاكتراث بالذم ..
والإسلام يراعى طبائع الأشياء، فالمرأة أكثر حياء من الرجل، والفتاة أشد حياء من باقى النساء، ولهذا تعامل الإسلام مع المرأة برفق، فلم يؤكد عليها الجُمع والجماعات كما أكدها على الرجال، وعندما أمر الإسلام بأخذ رأى المرأة فى شريك حياتها فرّق بين البكر والثيب، ففى صحيح مسلم، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت " فالأيم هى التى سبق لها الزواج وطلقت أو مات عنها زوجها، والبكر هى التى لم يسبق لها الزواج، فالبكر أكثر حياء من الأيم، ومتى لم تبد اعتراضا ولم يظهر عليها أعراض الرفض كان ذلك إذنا منها لوليها، فيكفى من البكر الإشارة، ولابد للثيب من المقالة ..
هذا وإذا وُصِفَ الله تعالى بالحياء، فالمراد لازمه وهو مزيد عفو عن العباد، وزيادة عطاء لهم، وفى حديث رواه أبو داود والترمذى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله حيى، يستحى من عبده إذا مد يده إليه أن يردهما صفرا.
ولشرف الحياء وُصِفَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان أشد حياء من العذراء فى خدرها، وخصه الرسول الكريم بالذكر فى شعب الإيمان، فقد أخرج البخارى ومسلم بسندهما عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ".
أ. د/ محمد سيد أحمد المسير