24 - الحزب السياسي

لغة: مفهوم مركب فى كلمتين، الحزب: وهو الطائفة وجماعة الناس، والسياسى: يقال: سست الرعية سياسة: أمرتها ونهيتها.

واصطلاحا: الجماعة السياسية المختلفة المبادئ فى الأمة الواحدة ويعرفه "ماسيفر" Maciver بأنه جماعة يتم تنظيمها على أساس تحقيق مبدأ معين أو بلوغ سياسة بعينها، وذلك بواسطة السيطرة على الحكم.

فى حين يعرفه " إدموند بيرك " صلى الله عليه وسلمdmond رضي الله عنهurke بأنه هيئة أو مجموعة من الأفراد متحدة بمسعاها الموحد تستهدف تحقيق الصالح القومى على أساس مبادئ محددة متفق عليها.

ولعل أول متحزب سياسى فى الإسلام ظهرت بوادره فى الفتنة الشعواء التى شب لهيبها فى أواخر عهد الخليفة الشهيد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وما نجم عنها من انقسام فى حقوق المسلمين، ففريق انحاز إلى الخليفة وانتحل له الأعذار، وفريق انحاز إلى خصومه ووضع لهم مبررات الثورة والخروج، فتشعبت بالناس الآراء وذهبت بهم الظنون، فظهر الخوارج والشيعة ثم المعتزلة ثم المرجئة، وهى فرق وأحزاب وإن اتخذت طابعا دينيا فيما تحمله من أفكار وآراء، إلا أنه لا يمكن بحال تجاهل صبغتها السياسية وأثرها السياسى. وفى العصر الحديث ذهب "روهمر" فى كتابه نظرية الأحزاب السياسية إلى أنه تتميز كل هيئة اجتماعية بأربعة أحزاب سياسية كبيرة تقابل أربعة أدوار من حياة الإنسان، وهى حزب الراديكاليسم أو الأطفال، وحزب الأحرار أى الشبان، وحزب المحافظين أى الرجال المكتهلين، وحزب الإطلاقيين وهم الشيوخ.

ويمكن حصر مرامى جميع الأحزاب السياسية فى ثلاثة أهداف: التقدم، الوقوف، التقهقر، ويدخل بينها أشكال لا تحصى ذات فروق ضعيفة، وتحمل كل منها اسما خاصا يتميز به عمن سواء.

وللأسماء التى تعطى للأحزاب أهمية كبيرة، اذ إنها تدل على غرض الحزب ومقصده، وعلى الجهاد الذى يبذله، بل وتدل على الأمور التى يمجها ويدحضها، كما يجب أن يكون للحزب نظام صارم يقوم به رجال مخلصون ذوو إرادة صحيحة، وإلا صار حزبا خفيفا لا ينتج فى عالم السياسة شيئا ذا بال.

وينبغى التفرقة فى الحزب بين أنماط أربعة على الأقل:

أولا: الحزب فى نظام الحكم الليبرالى، وفى هذا النظام فإن الحزب هو الذى يتكون من جماعة منظمة معلنة تعبرعن مصالح طبقة أو شريحة اجتماعية، وتسعى لتحقيق هذه المصالح بالطرق الدستورية، وفى إطار الشرعية، سواء فى المعارضة، أو فى الحكم.

ثانيا: الحزب فى نظام الحكم الفاشى، وفى هذا النظام فإن الحزب هو أداة الدكتاتورية المسيطرة على الحكم والتى تقرها الحلول التى تتفق مع مصالحها لعلاج المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وا لسياسية.

ثالثا: الحزب فى المفهوم الاشتراكى هو طليعة الطبقة العاملة، ويشترط فيه أن يكون طليعة منظمة يستوعب فى الطبقة أحسن عناصرها، كما ينبغى له أن يكون على رأس هذه الطبقة من ينظر إلى أبعدها، ويقودها إلى مصالحها الحقيقية لا الوقتية، فيكون الحزب والزعيم السياسى للطبقة.

رابعا: الحزب فى حركة التحرر الوطنى داخل أنظمة الحكم الاستعمارى وشبه الاستعمارى، وهو فى هذه الحركة قد يمثل حلقة، وقد يكون جبهة، وقد يكون علنيا أو سريا، وقد يسعى لتحقيق غرضه بالطرق المشروعة، وقد يسعى لتحقيقه بالثورة.

وعلى اختلاف هذه الأنماط يكون لكل حزب منها وسيلته الخاصة فى نشر مبادئه وأفكاره ما بين صحف أو قنوات إذاعية أو منشورات.

ولعل تاريخ الأحزاب السياسية فى مصر يعطى مثالا واضحا لهذه الأنماط إذ مرت مصر بفترة كانت خاضعة خلالها للاحتلال البريطانى فنشطت الحركات القومية التحررية وما صحبها من نشأة الأحزاب إلى أن تحررت البلاد.

وبعد، فإنه لا يستطيع كل إنسان أن يكون تابعا بالضرورة سياسيا، بل إن من الناس من يكون تابعا لكل حزب بالنسبة لكل حسن فيه.

(هيئة التحرير)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015