لغة: يستعمل الحد بمعنى المنع، كما فى قوله تعالى {تلك حدود الله فلا تعتدوها} (البقرة 229)، كما يستعمل بمعنى العقوبة التى قدرها الشرع فى كل الأفعال التى قرر الشرع لها حدا فيقال: حد السرقة قطع اليد، وحد الزنا الرجم إن كان محصنا، والجلد إن كان غير محصن؛ وبهذا المعنى جاء قوله تعالى {تلك حدود الله فلا تقربوها} (البقرة 187) أى عقوبته بفعل ما يستوجبها.
وحد كل شىء طرفه ونهايته، كما يقال حد البيت، وحد الجدار، أى: نهايته، وتقول العرب: حده أى منعه، اللهم احدده، أى: امنعه. قال الشاعر:
لا تعبدن إلها دون خالقكم وإن دعيتم فقولوا دونه حدد
وأخذ قولهم امرأة محتدة ومحد، وقد أحدت، إذا لبست الحداد على زوجها ودخلت عدة المحتدة، ومنه احتد عليه وفيه حدة، أى: بأس وغضب، واللفظ فى كل استعمالاته يفيد المنع.
واصطلاحا: استعمله المناطقة فى التعريف التام المبين للماهية بالذاتيات، التى هى الجنس والفصل؛ لأن فيه معنى المنع من مشاركة غيره معه فى ماهيته، كما قيل فى بيان حد الإنسان بأنه حيوان ناطق.
ويقسم الفلاسفة الحد المبين للماهية إلى قسمين.
1 - حد تام: وهو ما كان بالجنس والفصل القريبين، كتعريف الإنسان بأنه حيوان ناطق.
2 - حد ناقص: وهو ما كان بالفصل القريب وحده مثل تعريف الإنسان بأنه ناطق. وقد يكون بالجنس البعيد، كتعريف الإنسان بأنه جسم ناطق.
ويطلق الحد على الفاصل بين شيئين "زمانا ومكانا"ويطلق الحد على أحد طرفى القضية المنطقية الموضوع والمحمول، كما يطلق الحد على أجزاء القياس الأرسطى، فيقال الحد الأكبر، والحد الأصغر، والحد الأوسط، ففى قولنا.
كل جسم مؤلف
كل مؤلف محدث
كل جسم محدث
يكون الحد الأصغر هو موضوع النتيجة (جسم) ويكون الحد الأكبر هو محمول النتيجة (محدث) ويكون الحد الأوسط هو لفظ "مؤلف " الذى كان محمولا فى المقدمة الصغرى، وموضوعا فى المقدمة الكبرى واختفى فى النتيجة، وهو الذى يمثل العلاقة بين طرفى القياس، ويسمى علة الحكم، وقد يكون الحد كلمة واحدة كما فى قولنا الشمس مشرقة، فالشمس موضوع القضية، وهى الحد الأول، ومشرقة المحمول، وهى الحد الثانى.
وقد يكون الحد من كلمتين أو أكثر، كما فى قولنا: حرارة الشمس فى وقت القيلولة شديدة، فالشمس فى المثال الثانى جزء من حد القضية، والحرارة جزء من حد القضية.
أ. د/ محمد السيد الجليند