لغةً: يقال: أجزتُ العقد أى جعلته جائزا نافذا على الصحة، جاز القول جوزا وجُوازا، ومجازا: قبل ونفذ، وتجاوز عن الرجل: عفا عنه ولم يؤاخذه، الجائز: الخشبة بين حائطين توضع عليها أطراف عوارض السقف. كما فى الوسيط (1).
واصطلاحاً: يطلق الجائز عند الأصوليين، على عدة أمور منها "المباح " (2) وعلى ما لا يمتنع شرعا وهو ما خيرَّ الشارعُ المكلَّفَ بين فعله وتركه، ولا مدح ولا ذم على الفعل والترك (3). ويقال له: الحلال.
ويعرف الجائز (المباح) بأمور منها:
(أ) النص الشرعى على إباحته بحِلْ الشىء. كقوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌ لكم وطعامكم حِلٌ لهم} (المائدة 5).
(ب) النص من الشارع على نفى الإثم أو الجناح أو الحرج، كقوله تعالى: {إنما حُرِّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَّ به لغير الله فمن أُضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} (البقرة 173)، وقوله فى نفى الجناح: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خِطْبة النساء أو أكننتم فى أنفسكم} (البقرة 235)، وفى نفى الحرج قوله: {لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا} (الأحزاب 37).
(ج) التعبير بصيغة الأمر مع وجود قرينة تدل على الإباحة كقوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} (المائدة 2).
(د) استصحاب الإباحة الأصلية للأشياء فيما لا دليل عليه، بناء على أن الأصل فى الأشياء الإباحة استصحابا للإباحة الأصلية.
(هـ) نفى التحريم؛ كقوله تعالى: {قل من حرَّم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق} (الأعراف 32).
(و) نفى النهى، كقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم} (الممتحنة 8).
(ز) النهى عن التحريم. كقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} (المائدة 187).
وحكم الجائز: أنه لا ثواب ولا عقاب ولا عتاب على فعله أو تركه، ففعله وتركه سواء، ولكن قد يثاب عليه بالنية والقصد، كمن يمارس أنواع الرياضة البدنية بنية تقوية جسمه، ليقوى على محاربة الأعداء، ومن يأكل الطعام بنية تقوية جسمه، ليقوى على ممارسة العبادة.
والجائز أحد أقسام الحكم التكليفى، وهى: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح على ما ذهب إليه جمهور الأصوليين.
والفعل الواحد قد تجتمع فيه أقسام الحكم التكليفى كلها أو بعضها، مثل الزواج قد يكون فرضا على المسلم إذا قدر على النفقة والمهر وسائر واجبات الزوجية ويتيقن من حال نفسه أنه إذا لم يتزوج زنى. ويكون مندوبا إذا قدر على ما ذكر وكان فى حالة اعتدال لا يخاف أن يزنى إذا لم يتزوج. ويكون حراما إذا تيقن أنه إذا تزوج فسيظلم زوجته ويهضم واجباتها. ويكون مكروها إذا خاف ظلما دون تيقن.
والجواز عند الفقهاء: يطلق على ما ليس بلازم، فيقولون: الوكالة والقرض والرهن عقود جائزة، ويعنون بالجائز: ما للعاقد فسخه بكل حال، إلا أن يؤول إلى اللزوم، كما يستعملون الجواز فيما قابل الحرام، فيكون لرفع الحرج، فيشمل الواجب والمستحب والمباح والمكروه. (4)
وتنقسم التصرفات من حيث جوازها ولزومها إلى أقسام هى:
الأول: ما لا تتم مصلحة إلا بلزومه من طرفيه، كالأوقاف والضمان والبيع.
الثانى: ما تكون المصلحة فى كونه جائزا من الطرفين كالشركة والوكالة والعارية.
الثالث: ما تكون مصلحته فى جوازه من أحد الطرفين، ولزومه من الطرف الآخر، كالرهن، والكتابة وعقد الجزية (5).
(هيئة التحرير)
1 - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية 1/ 152 - دار المعارف ط 3 - القاهرة.
2 - فواتح الرحموت 1/ 103 وما بعدها طبعة الأميرية.
3 - الوجيز فى أصول الفقه- د/ عبد الكريم زيدان ص 47 مؤسسة قرطبة، والرسالة 1987 م، وعلم أصول الفقه- د/ عبد الوهاب خلاف- ص 104 - الدار السودانية للكتب الخرطوم.
4 - المنثور فى القواعد للزركشى 2/ 7.
5 - قواعد الأحكام فى مصالح الأنام- العز بن عبد السلام 2/ 125 وما بعدها- دار الكتب العلمية.