هو بيت الله الذى فرض الله الحج إليه لمن استطاع إليه سبيلا وهو البيت المحرم، والبيت العتيق، والمسجد الحرام، وكانت العرب تسمى كل بيت مربع كعبة، وأمر الله المسلمين أن يتخذوه قبلتهم فى صلاتهم، وهو أول المساجد الثلاثة التى لا تشد الرحال إلا إليها: وهى المسجد الحرام، والمسجد النبوى فى المدينة، والمسجد الأقصى.
والبيت الحرام هو أول بيت مبارك وضع للناس ليعبدوا فيه الله عز وجل، ويهتدوا بفضله إلى الصراط المستقيم: {إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين} آل عمران:96.
وحين تأذن الله سبحانه وتعالى بأن ترفع قواعده بوأ لإبراهيم الخليل مكانه، وأمره أن يشيده ويرفع قواعده، ومعه ابنه إسماعيل عليهما السلام.
ووصف أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى الكعبة التى بناها إبراهيم عليه السلام بأنها كانت بناء ذا جوانب أربعة، بارتفاع 9 أذرع وطول جداره الشرقى 32 ذراعا، والغربى 31، والشمالى 32، والجنوبى 20،وكان بابها إلى الأرض (1)
وجعل إبراهيم عليه السلام فى جدارها الحجر الأسود علامة على بدء الطواف حولها، ثم أعيد بناء الكعبة قبل البعثة بنحوعشر سنوات، واشترك النبى صلى الله عليه وسلم فى أعمال البناء مع أشراف قريش ورجالها، وكان ذلك بعد حملة أبرهة الفاشلة على البيت الحرام فى سنة 570ميلادية، التى أشار إليها القرآن الكريم فى سورة الفيل.
وبعد فتح مكة مباشرة أمرالنبى صلى الله عليه وسلم بتطهير الكعبة مما فيها من تماثيل وصور وأصنام، ولم يكن للبيت الحرام جدران تحده إلى أن قرر عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد أن ولى الخلافة أن يبنى حوله جدرانا ارتفاعها أقل من القامة، وذلك فى السنة السابعة عشر بعد الهجرة.
وأجرى عثمان بن عفان رضى الله عنه توسعة ثانية فى السنة السادسة والعشرين بعد الهجرة، ويقال إنه جعل للمسجد أروقة.
وأجريت على البيت الحرام عمائر أهمها: بناء الكعبة على يد عبد الله بن الزبيرفى العقد السابع بعد الهجرة، وإعادة بنائها على يد الحجاج بن يوسف الثقفى فى عهد عبد الملك بن مروان بعد ذلك ببضع سنواف، وعمرت الأروقة فى عهد الوليد بن عبد الملك، وفى عهد الخليفة العباسى المهدى بن المنصور، وفى عهد السلطان المملوكى الناصر فرج بن برقوق، والسلطان الأشرف برسباى، وأعيد بناء الكعبة من جديد فى سنة 1040هـ فى عهد السلطان العثمانى مراد الرابع.
ونتيجة لهذه العمائر صار الحرم مستطيلا أقرب إلى التربيع، ويحيط به من جهاته الأربع أروقة تشتمل على صفوف من الأعمدة تحمل عقودا، وتسقف كل بلاطة تحف بها أربعة أعمدة قبة، قاعدتها مستديرة، وقمتها مدببة، وتقوم الكعبة المكرمة فى وسط الحرم، ولكن بميل إلى الجنوب وبجانبها حجر إسماعيل وحولها المطاف، وفى شرقها بئر زمزم، وبجوار المطاف مقام إبراهيم، وباب الكعبة مرتفع عن الأرض، وللمسجد خمسة وعشرون بابا، وسبع مآذن.
وكانت الحكومة المصرية تتشرف بكسوة الكعبة المكرمة حتى قيام المملكة العربية السعودية التى أولت البيت الحرام عناية فائقة من حيث التوسعة والعمارة والتجهيز، كما قامت بعمل كسوة الكعبة الشريفة.
أ. د/حسن الباشا