أسرة فارسية أسسها أبو شجاُع بُويه، وقد حاول البعض أن يرجع نسبه إلى الساسانيين لإضفاء النسب الرفيع له، أو إرجاع نسبه إلى وزراء الملوك الساسانيين، ولكن ابن طباطبا يذكر أن أبا شجاع بويه وأباه وجدّه كانوا كآحاد الرعية الفقراء ببلاد الديلم، وقيل كان بويه صياد سمك ويروى ابن خلكان أنه كان فى أول أمره يحمل الحطب على رأسه.
والحق أن مؤسسى هذه الأسرة التى سرعان ما عظم شأنها هم أبناء أبى شجاع بُويه الثلاثة: على وحسن وأحمد، وكان الأخوة الثلاثة يفضلون أن يعرفوا بالتشيع وفقا لتقاليد الأسرة، غير أنهم كانوا محاربين غلاظا لم يحفلوا كثيرا بالأمور الدينية، وقد رأى هؤلاء الثلاثة أن يتخذوا الجندية مرتقى لهم فالتحقوا فى جيش "ما كان بن كاهى" أحد القادة المشهورين من أبناء الديلم وأظهروا فى عملهم براعة وتفوقا، فدفعهم هذا إلى الصفوف الأولى بين الأجناد (1).
وقد خرج على "ماكان " أحد قواده وهو "أسفار بن شيرويه " ولمع نجمه وكان يساعده قائد ديلمى آخر اسمه مرداويج بن زيار، وقد استطاع أسفار ومرداويج أن يحققا نصرا مؤزراً ضد "ماكان " ولكن سرعان ماقُتِل "أسفار" وآلت سلطاته إلى مرداويج، فانضَمَّ إليه بنو بويه بعد هزيمة "ماكان " وقبلهم وأكرمهم، وقلد كل واحد من قواد "ماكان " ناحية من النواحى الخاضعة له، وكان نصيب على بُن بويه ولاية الكرج، كما استعان مرداويج بالحسن بن بويه وأخيه أحمد فى أعمال أخرى هامة (4) وحينما وصل على بن بويه إلى الكرج عمل على استمالة الزعماء والقادة إليه بإحسانه وسماحته، وضاق مرداويج به وخافه على ملكه فاندفع على بن بويه يقوى نفسه، ويعد عدّته للوقوف فى وجه سيده، ووسع ملكه فاستولى على أصفهان، ثم استولى بمعونة أخويه على شيراز سنة 322 هـ (943 م) وجعلها مقر سلطانه، ومع هذا فقد حاول ترضية مرداويج فاعترف له بالسيادة، ووضع عنده أخاه الحسن رهينة.
ولم تطل المنافسة بين بنى يُويه ومرداويج، فقد هجم على مرداويج بعض جنده من الأتراك وقتلوه سنة 323 هـ وهو فى الحمام، وانتهز الحسن بن بويه فرصة الهرج الذى تلا مقتل مرداويج فهرب من بلاطه بعد ليلة من مقتله وعاد إلى أخيه على.
وفتح الباب عقب ذلك لانتصارات بنى بويه، إذ استطاع الحسن أن يستولى على الرى وهمدان وبقية بلاد الفرس فى نفس العام، كما استطاع أحمد أن يستولى على كرمان، وزحف علىٌّ إلى بلاد الأهواز فاحتلها، واحتل بعدها واسط، واكتمل لبنى بويه بذلك السلطان علىّ مساحة كبيرة من أملاك الدولة العباسية، فكتب على إلى الخليفة العباسى بطلب الاعتراف به، فاستجاب له الخليفة وكتب له بذلك.
وكان عماد الدولة سبب سعادة بنى بُويه التامة وانتشار صيتهم واستولوا على البلاد وملكوا الأهواز وفارس وساسوا أمور الرعية أحسن سياسة.
ولسوء الأحوال فى بغداد، وضعف المماليك وأمراء الأمراء عن تسييردفة الأمور فقد كتب قادة بغداد إلى أحمد بن بويه ليدخل بغداد ويتولى السلطان بها، ففعل، وقد رحب به الخليفة العباسى وعيّنه "أمير الأمراء" وخلع عليه ولقّبه "معز الدولة" ولقب أخاه عليا"عماد الدولة" ولقب الحسن "ركن الدولة"، وخضع خلفاء بنى العباس حينا من الزمن لبنى بويه، وأصبح مصير العالم الإسلامى مرتبطا بهؤلاء السلاطين الجدد ولم يبق للخلفاء معهم نفوذ ولاسلطان، وذهبت هيبة الخلافة طيلة هذا العهد.
أهم أحداث عصر بنى بويه:
1 - فى عصر بنى بويه فقدت بغداد أهميتها السياسية فانتقلت السيادة إلى شيراز حيث يقيم علىّ بُن بويه "عماد الدولة"الذى كان له السلطان العام على دولة بنى بُويه كما سلف الذكر.
2 - ازدهار جماعة"إخوان الصفا " التى كانت لها آراء فى الحكمة والفلسفة ونسبت
لهم رسائل سميت برسائل "إخوان الصفا وخلان الوفا ".
3 - استقلال ممالك كثيرة عن الخلافة العباسية نتيجة لاستشراء الضعف فى سلطان بنى بويه حيث استقلت دولة عمران بن شاهين بالبطيحة والدولة النجاحية باليمن، والدولة العقيلة بالموصل، ودولة الأكراد بديار بكر والدولة المرداسية بحلب، والدولة السامانية فيما وراء النهروفى خراسان، والدولة السبكتكية بغزنة.
(هيئة التحرير)
1 - االكامل فى التاريخ لابن الأثير (حوادث 334) ح 8/ 1009
2 - كتاب العبر لابن خلد ون (4/ 426) ومابعدها.