والإلحاد له آثاره السيئة، وثمراته المنتنة سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات؛ فالأمم الكافرة تعيش حياة صعبة معقدة لا يجدون حلاً لأكثر مشكلاتهم؛ نظراً لغياب المنهج الصحيح وهو دين الإسلام، فهم يعاقبون في هذه الدنيا أشد أنواع العقوبات، وإن ماتوا على كفرهم وإلحادهم فالخلود في النار بانتظارهم. ولقد مرَّ بنا في الصفحات الماضية ذكر لما تعانيه تلك الأمم بسبب كفرها وإلحادها، وبعدها عن الله، وفيما يلي إجمال للآثار المترتبة على الإلحاد زيادة على ما مضى (?):
1 - القلق والاضطراب: فالملاحدة محرومون من طمأنينة القلب، وسكون النفس، قال الله - تعالى -: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124].
كيف لا يصيب الملاحدة القلق والهم والغم وفي داخل كل إنسان أسئلة محيرة؟ من خلق الإنسان؟ ومن خلق الحياة؟ وما نهايتها؟ وما بدايتها؟ وما سر هذه الروح التي لو خرجت لأصبح الإنسان جماداً؟
من يجيب عن تلك التساؤلات؟ آلشيوعية؟! أنى لها؟
ثم إن هذه الأسئلة قد تهدأ في بعض الأحيان بسبب مشاغل الحياة، إلا أنها ما تلبث أن تعود، ملحة على صاحبها.
وما نراه اليوم من كثرة الانتحارات، وإدمان المخدرات إلا هروب من ذلك الواقع المؤلم.
2 - الأثرة والأنانية: فلا رحمة، ولا شفقة، ولا بر بالوالدين، ولا صلة للأرحام، ولا إحسان إلى الجيران وسائر الناس؛ فكل فرد معني بنفسه فحسب؛ فالإلحاد لا يعير هذه الروابط أدنى اهتمام.
3 - حب الجريمة: فالملحد يجد في نفسه حباً للجريمة، وإرادة الانتقام، ورغبة في التشفي من كل موجود.
كما أن الثقة بين الناس في المجتمع الملحد شبه مفقودة؛ فكلٌ يخاف من أقرب الناس إليه.
4 - الانطلاق في الإباحية: فالملحد لا يحافظ على عرض أحد، ولا يؤتمن على مال، أو حرمة إلا أن يعجز عن الوصول إلى شيء من ذلك.
ومتى ساعدته الفرصة، وظن أنه بمأمن من العقوبة - عاث في الأعراض والأموال غير متحرج من انتهاك حرماتها.
وقد يقع انتهاك الأعراض، وغشيان الحرمات، ونحوها من غير الملحد بدافع الشهوة، أما الملحد فإنه يأتيها مستبيحاً لها.
وضرر الطائفة التي ترتكب الفسوق مستبيحة له أشد من ضرر من يفعله معتقداً أنه يأتي أمراً محرماً.
5 - الإجرام السياسي: وهذا من أعظم آثار الإلحاد؛ ذلك أن الأخلاق المادية الإلحادية ملأت قلوب أصحابها بالقسوة والجبروت مما دفعهم إلى تطبيق ذلك عملياً؛ ولذلك ترى الدول الكبرى كيف تفعل بالدول المستعمرة من الإهانة، والقتل، والإذلال، والتشريد.
هذا شيء من الآثار المترتبة على الإلحاد، وقد جاء القرآن بما يدل على ذلك.
قال تعالى: فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:125].
وقال - عز وجل -: حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31].
وقال - سبحانه وتعالى -: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:55].
ولقد عبر عن ذلك العذاب النفسي والهلع الذي لا يهدأ فريق من كبار فلاسفة الملاحدة، فمنهم على سبيل المثالث: