وكلما وصل رئيس إلى سدة الحكم ندد بسلفه، وأقذع في شتمه وسبه. ومن ذلك ما حصل في المؤتمر الخمسين للحزب الشيوعي عندما وقف الرئيس خروتشوف يندد بستالين، ويقول عنه: إنه ديكتاتور سفاح، مجرم سافل دنيء، وإنه غلطة لا ينبغي أن تتكرر، وإنه ارتكب من الجرائم البشعة ما تقشعر له الأبدان (?).
وفي مؤتمر الحزب الشيوعي الذي عقد في موسكو في 28/ 6/1988م دعا جورباتشوف إلى إصلاحات جذرية في الشؤون السياسية والاقتصادية للاتحاد السوفيتي، كما انتقد سياسة ستالين وبريجنيف التي حجرت على الفكر في الاتحاد السوفيتي - وصدق الله إذ يقول: كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا [الأعراف:38].
5 - التجسس والرقابة الصارمة: فالتحركات في المجتمع الشيوعي مراقبة، والاتصالات الهاتفية مسجلة، والزيارات - وخاصة من الغرباء - مراقبة تماماً ولقد روى ذلك كثير من الزائرين لروسيا بعد أن لاحظوا من يراقبهم ويرصد تحركاتهم.
ولذلك يتحاشى الروسيون الحديث عن السياسة، وكثيراً ما يرددون عبارات جاهزة مكررة في مدح سياسة بلادهم بمناسبة أو بغير مناسبة؛ فقد يكون جزاء المقصر أو المتجاوز النفي إلى سيبيريا؛ حيث البرد القارس والأعمال الشاقة.
وقد قال أحد الكتاب: إن نصف سكان موسكو جواسيس على النصف الآخر، فقال له صاحبه: ولكن النصف الآخر جواسيس أيضاً على النصف الأول، وتلك فكاهة ليست ببعيدة عن واقع المجتمعات الشيوعية.
ويدل على ذلك ما حصل في ألمانيا الشرقية عندما سقطت الشيوعية؛ حيث ذهب بعض الناس لأقسام الشرطة والمباحث؛ ليتسلم ما كتب عنه من تقارير؛ ففوجئ كثير منهم بأن الذي تجسس عليه أمه، أو زوجته، أو أخوه، أو أقرب الناس إليه.
6 - السرية والغموض: فمعظم الأمور هناك أسرار غامضة؛ فلا دليل للهاتف ولا مخطط للمدينة، ولا كتب عن مشاهير الناس.
أما أعضاء الحكومة فحياتهم وأماكن سكناهم، واجتماعاتهم وتحركاتهم - سر مغلق، لا يُعلن عنه، ولا يُتحدث فيه.
بل من الصعب أن تقابل روسياً عادياً على انفراد.
ومما اعتاده الناس هناك اختفاء بعض الناس في ظروف غامضة، سواء كانوا مسؤولين أم من عامة الناس، ثم إنه لا يجرؤ أحد على السؤال عنهم أو الاستفسار. يقول آرثر كستلر (?) عن مجتمع الحزب الشيوعي:"كان عالماً يسكنه أناس يعرفون بأسمائهم الأولى فقط، أما أسماء أسرهم، أو عناوين سكناهم فلم يكن لها وجود، كان الجو متناقضاً؛ فهو خليط من الزمالة الأخوية، والارتياب المتبادل. ويمكن أن نقول: إن الشعار هنا هو: أحبب رفيقك ولكن لا تثق فيه أنملة لصالحك؛ لأنه يشي بك ولصالحه؛ إذ من الخير له ألا تعرضه للإغراء والوشاية. (?).
7 - غياب شموس الحرية عن الحياة الفكرية: فجميع الصحف ودور النشر خاضعة تماماً لرقابة الدولة، ومهمتها كيل المديح الأجوف الممل لقادة الحزب مع تسويغ أعمالهم وحماقاتهم.
وأبرز مثال على ذلك دائرة المعارف الروسية التي ملئت بالتشويهات وقلب الحقائق؛ إرضاء لهوى المتسلط.