لقد قامت الشيوعية على أسس ومبادئ آمن بها الشيوعيون، وحاولوا تطبيقها على مجتمعاتهم، زاعمين بأن تلك الأسس والمبادئ ستخلِّص الشعوب من وطأة الرأسمالية وتوصلها إلى الفردوس المنتظر، وتقضي على جميع المشكلات وتنأى عن الطبقية والفردية.
فماذا تم بعد قيام الشيوعية؟ وما الذي حدث من جراء تطبيقها؟ وما الآثار التي ترتبت على اعتناقها؟ وماذا كانت النتيجة؟
الجواب سيتضح - إن شاء الله - من خلال الحديث عن الشيوعية بعد التطبيق، وعن الآثار المترتبة على الإلحاد، ثم عن سقوط الشيوعية.
أولاً: الشيوعية بعد التطبيق (?):
لقد زعمت الشيوعية بأنها ستحقق العدل، وتنشره بين الناس؛ حيث ستلغي الفوارق بين الطبقات، وستجعل الناس يعيشون في مستوى اقتصادي واحد، وسيأخذ كل واحد منهم قدر حاجته من المال.
وإذا تساوى الناس في مستواهم الاقتصادي والمالي فسيكون الطريق أمامهم مفتوحاً للمساواة في جميع المجالات سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو سياسية.
هذه هي الدعوى، ولكن أي البينة؟
والدعاوى ما لم يقيموا عليها ... بيناتٍ أصحابها أدعياء
إن الحقائق تكذب تلك الدعاوى، والواقع يقول بخلاف ذلك؛ فلقد حصل بعد تطبيق الشيوعية ما يلي:
1 - وقوع الشيوعيين في الطبقية: لقد ادعى الشيوعيون أن إلغاء الفوارق بين الطبقات أمر لابد منه، وأن السبيل إلى ذلك هو الصراع الدموي؛ فكل امتياز أو طبقية - بزعمهم - إنما هو أثر من آثار الأنانية وتحكيم المصلحة الذاتية.
وإذا كان النظام الشيوعي يدعي تلك الدعوى فإن واقعه يكذبها؛ فما تلك الدعاوى سوى شعارات براقة، ووعود معسولة كاذبة يخدعون بها السذج دونما التزام بها، وإليك بعض الأمثلة:
أ - تفاوت الأجور: فمعدل الأجر المتوسط للعامل في الاتحاد السوفيتي عام 1935م حوالي 1800 روبل سنوياً، في الوقت الذي بلغ فيه راتب الأمين العام للجنة الغزل والحرير الصناعي مبلغ 45 ألف روبل سنوياً.
ثم إن أجرة الفلاح الروسي 300 روبل شهرياً، ويقتطع منها 150 روبلاً لتقوية الصناعات.
في الوقت الذي يتقاضى فيه أهل الطبقة المثقفة - كما يزعمون - من الممثلين والفنانين والأدباء والراقصات أجوراً عالية تصل إلى 20 ألف روبل شهرياً.
ب - تفاوت مستويات التعليم: فأبناء الطبقة المثقفة يتمتعون بالتعليم الجامعي المجاني وغير المجاني.
أما أبناء الفلاحين فلا يستطيعون ذلك.
ج - إقرار الحوافز: فهؤلاء الذين يرفعون شعار المساواة، والعدل ورفض الطبقية أقروا الحوافز والجوائز؛ فلقد أذاعت وكالة الأنباء السوفيتية - تاس - أن جائزة ستالين للموسيقى وقدرها مائة ألف روبل - قد منحت سنة 1947م لجوزيف كلينا من أجل أنه لَحَّنََ أغنية عن ستالين.
وأن جائزة ستالين للتصوير - وقدرها مائة ألف روبل - قد منحت لأراكلي طويزر من أجل تصويره ستالين يخطب في احتفال الذكرى الرابعة والعشرين لثورة أكتوبر.
أما الجائزة الثالثة - وقدرها خمسون ألف روبل - فقد منحت للرسام باراكر فتشنكو من أجل تصويره الأديب مكسيم جوركي يقرأ قصة أمام ستالين، ومولوتوف، وتورسيلوف.
وأما جائزة ستالين للنحت - وقدرها مائة ألف روبل - فهي لنيقولا توسكي من أجل رسمه تمثال ستالين.
بالإضافة إلى جوائز أخرى سلمت لموسيقيين، ورسامين، ونحاتين، من أجل أعمال قاموا بها لشخص ستالين.