إن أكبر رزية حلت ببعض المجتمعات الإسلامية وبغيرها هو إقصاء الشريعة الإسلامية، أو التهاون في تطبيقها، أو الاحتيال لتمييع أحكامها عمدا أو تحت مبررات شخصية كثيرة، سواء أكانت صادقة أم كاذبة.
إن العالم الإسلامي يعاني في هذا الزمن من ظاهرة الانبهار بما عند أعداء الإسلام، ويعاني من ظاهرة التخلف المفروض عليهم لأن أراضي المسلمين مشهورة بخصوبتها حتى قيل إن السودان سلة العالم، يعني لو استغل استغلالا حقيقيا سليما، كما يعاني من تكالب أعداء الإسلام عليه كما يعاني من جهل أبنائه وكيد أعدائه وحلول الكوارث والانهزامات على أيدي اليهود والنصارى والمجوس والملاحدة، تداعت عليه الأمم كما تداعى الأكلة على القصعة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وصارت كثرة المسلمين لا تفرح كثيرا بعد أن أصبحوا غثاءا كغثاء السيل حين صاروا يتكففون الشرق والغرب يستمدون منهم قوانين معيشتهم ويطبقون أفكارهم الضالة ويحكمون دساتيرهم الوضعية فصار حالهم كحال العيس التي أخبر عنها الشاعر بقوله:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
أو كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة فلم يفلح في تقليدها ولا في البقاء على مشيته.
فكثير من المسلمين لا هم بقوا على دينهم يعتزون به ويفتخرون بالانتماء إليه، ولا هم وصلوا إلى ما وصل إليه أعداؤهم من التقدم المادي، فكانت النتيجة أنهم خسروا دينهم ودنياهم فعادوا باللائمة على الشريعة الإسلامية وهي حجة الكاذب المنقطع.
ومن العجيب أنهم يحكمون على الإسلام وهم لا يحكمونه، ويتهجمون عليه وهم لا يعرفونه ولم يجربوه في حياتهم اليومية، إنهم متحيرون ضاقت صدورهم به من جراء الضغوط المختلفة عليهم خارجيا وداخليا، المسلمون الحقيقيون يطالبونهم بتطبيق الشريعة الإسلامية، وأعداء الإسلام يطالبونهم بإقصائه وإحلال مذاهبهم المختلفة محله، هذا في الوقت الذي اضمحلت فيه شخصياتهم التي كادت أن تنصهر في بوتقة الحضارات الجاهلية الشرقية والغربية.
لقد توالت صيحات أعداء الإسلام يصدق بعضهم بعضا أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو التأخر والرجعية والجمود، وأن في نبذها التقدم والتطور، وصدق المغفلون هذا الهراء، فإذا بهم يصيحون إلى جانب سفاكي دمائهم بمثل صيحاتهم يتبعونهم كما تتبع الشاة الذئب من الرعب، ولم يبخل عليهم أعداء الإسلام بإطلاق الألقاب الفخمة والعبارات الرنانة ليتموا استبعادهم لهم من ناحية وليستجلبوا بهم غيرهم ممن لم يقع تحت تأثير شبهاتهم كاستدراج الفيل المدرب العميل لبقية الفيلة ليدخلوا الحظيرة كما أوصى بذلك " زويمر ". يجب أن يعرف كل من لا يطبق الإسلام أن الشريعة الإسلامية كاملة لا ينقصها شيء، وقد شهد رب الكون وخالقه بأنها كاملة، قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:3]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد جئتكم بها بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)) (?) (?).
أكمل الله بالإسلام الدين وأتم به النعمة ورضيه لعباده، فماذا بعد هذا كله؟!!