وأقول: ولكن من حسن الخلق وتمام الإيمان أن يفي المكفول بوعده، وأن يعطي الحيوان رهناً للكفيل وإن لم يشترط؛ لأنّ (المؤمن إذا وعد وفى، والمنافق إذا وعد أخلف).
ومنها: إذا دفع ربّ مال ألف درهم للمضارب مضاربة على أنّ ثلث الرّبح للمضارب، وثلثه يقضى به دين المضارب الذي عليه للناس، وثلث الرّبح لربّ المال. فالمضاربة جائزة، وللمضارب ثُلث الرّبح؛ لأنّ المديون إنّما يقضى الدّين من مال نفسه، فما شرط لقضاء دين المضارب يكون مشروطاً للمضارب، ولا يجبر على قضاء الدّين منه؛ لأنّ الاختيار له في الدفع الدّين. والذي سبق من ربّ المال وعد بقضاء الدّين من بعض الرّبح الذي يستحقّه. والمواعيد لا يتعلّق بها اللزوم.
ومنها: إذا كان لرجل على رجل مال من ثمن مبيع مؤجّل، قد حلَّ أجله، فأخّره عنه إلى أجل، فإنّ هذا التّأخير غير لازم فللبائع أن يرجع في الأجل، إلا أن يكون ذلك على وجه الصّلح بينهما.
ومنها: إذا قال المشتري للشّفيع: أنا أبيعك الدّار التيَ تشفع فيها بما اشتريتها به. فقال الشّفيع: قد قبلت. ثم إنّ المشتري أبى بعد ذلك أن يعطيه، فلا شفعة للشّفيع بعد ذلك؛ لأنّه أظهر الرّغبة في شراء مستقبل، وذلك يتضمّن إسقاط حقّه في الشّفعة، ولا يتمّ البيع بينهما بما جرى من اللفظ؛ لأنّ ذلك عبارة عن وعد لا إيجاب.